الرئيسيةمقالات العدلماهيتاب عبدالسلامماهيتاب عبدالسلام تكتب: مبدعون رغم التحديات

ماهيتاب عبدالسلام تكتب: مبدعون رغم التحديات

الإبداع يولد غالبًا من رحم التحدي، ولنا في قصص ذوي الهمم الذين استطاعوا تحويل إعاقتهم إلى مصدر قوة أمثلة كثيرة، فقد أثبتوا أن الفن والفكر لا يعرفان حدودًا للجسد. فالإبداع بالنسبة لهم هو نافذة على العالم وأداة للتعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين. فالفن يمنح الإنسان مساحة آمنة للتعبير عن مشاعره وأفكاره، وذوي الهمم يجدون فيه لغتهم الخاصة حين تخذلهم الكلمات. كثيرون منهم يستخدمون الرسم أو الموسيقى أو الكتابة كأداة للتواصل، فيثبتون أن الموهبة قادرة على تجاوز الحواجز٠

كم من شخص فقد بصره، لكنه رأى العالم بقلبه وأبهر الناس بقدرة لمساته الفنية على تصوير أدق التفاصيل، وكم من آخر وُلد بقدرات جسدية محدودة، لكنه جعل من الفن، أو الرياضة، أو الكتابة نافذة يطل منها على العالم ويترك بصمته فيه. الإبداع هنا ليس مجرد إنتاج عمل مميز، بل هو انتصار على فكرة العجز نفسها، وانتصار على نظرة المجتمع التي تضع قيودًا وهمية على قدراتهم،وهناك العديد من الأمثلة على سبيل المثال وليس الحصر مثل طه حسين مثلًا، فقد بصره وهو طفل، لكنه أبصر بعقله وقلبه حتى صار عميد الأدب العربي ورمزًا للثقافة. وهيلين كيلر التي حرمتها الحياة من السمع والبصر، لكنها اختارت أن تكتب وتُلهم وتدافع عن قضايا الإنسان. أما نيك ڤويستش، الذي وُلد بلا أطراف، فقد حوّل ضعفه إلى رسالة حياة، يقف بها على مسارح العالم ليخبر الناس أن القوة الحقيقية تسكن الروح لا الجسد. وفي عالم الموسيقى، كتب بيتهوفن أروع سيمفونياته وهو لا يسمع، ليؤكد أن الإبداع يتجاوز الحواس. وكذلك ستيفن هوكينغ، الذي حاصره المرض في جسد شبه مشلول، لكنه انطلق بعقله ليغير فهمنا للكون.و في مصر هناك العديد من النماذج الملهمة من ذوي الهمم، مثل البطلة فاطمة عمر في رفع الأثقال التي حصدت ميداليات عالمية، واللاعب محمد الديب الذي رفع علم مصر في البطولات البارالمبية، والمذيعة رحمة خالد التي أثبتت أن متلازمة داون لا تمنع من النجاح والإبداع، والفنانة خديجة بدران التي حولت فرشاتها إلى رسالة أمل وشاركت بلوحاتها في معارض محلية وايضا كريم محمود الذي فقد بصره في طفولته، لكنه لم يفقد بريق روحه و تعلّم العزف على العود والبيانو، وشارك في حفلات موسيقية كبرى ليؤكد أن البصيرة أعمق من البصر،هذه النماذج وغيرها كثير، لا تحكي قصصًا فردية فقط، بل تعيد تعريف معنى التحدي، وتكشف أن الإنسان قادر أن يجعل من الألم طريقًا للإلهام ومن القيود مساحة أوسع للحرية.

ولأن الفن ليس مجرد وسيلة إبداعية بل علاجية أيضًا، نجد أن الكثير من المبادرات تدمج ذوي الهمم في جلسات العلاج بالفن، فتُعزز ثقتهم بأنفسهم وتساعدهم على بناء صورة إيجابية عن ذواتهم ،وتُعد مبادرة “قادرون باختلاف” نموذجًا رائدًا في هذا المجال، إذ لم تكتفِ بتسليط الضوء على قدراتهم فحسب، بل وفرت منصات وفرصًا عملية لإبراز إبداعاتهم ودمجهم في المجتمع بصورة ملهمة. فكل مبادرة مهما بدت بسيطة، تحمل في جوهرها رسالة عميقه وهي أن ذوي الهمم ليسوا متلقين للرعاية فقط، بل شركاء فاعلين في صناعة الحياة.

ذوي الهمم يعلّموننا أن التحدي الحقيقي ليس في أجسادنا، بل في عقولنا ونظرتنا لأنفسنا. حين يتمسكون بحلمهم رغم الصعوبات، يرسلون رسالة أن الإبداع بالنسبة لهم ليس مجرد هواية أو وسيلة للتعبير، بل هو حياة كاملة تُعاش بإصرار وإيمان. ومن يتأمل قصصهم يدرك أن القيمة الحقيقية لا تكمن في النتيجة النهائية، بل في الرحلة ذاتها، رحلة تحدي الصعاب، والوقوف أمام العالم بوجه مليء بالثقة، ليقولوا نحن هنا، نصنع ما لا يستطيع غيرنا أن يصنعه.

ذوو الهمم لا يمنحوننا دروسًا في الصبر فقط، بل يكشفون لنا أن الإبداع الحقيقي يولد من قلب التحدي، وأن الروح حين تؤمن بذاتها

تستطيع أن تُحول المستحيل إلى بداية جديدة للحياة…… #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة