الرئيسيةمقالات العدللماذا تتدخل أثيوبيا في الشأن الصومالي؟ الجغرافية السياسية تجيب!

لماذا تتدخل أثيوبيا في الشأن الصومالي؟ الجغرافية السياسية تجيب!

شيماء حسن علي | تكتب:
يهتم علم الجغرافيا السياسية بدراسة المواقع الجغرافية وتأثيرها على سياسات الدول الخارجية في محيطها الإقليمي والدولي والعكس أي يمكن للسياسية الخارجية ان تؤثر على الموقع الجغرافي لإقليم الدولة، ويعتبر “فريدريك راتزال” من اهم واضعي أسس تحليل وتفسير دراسة علم الجغرافيا السياسية، حينما نشر خلاصة أفكاره في كتاب يحمل نفس الاسم عام 1897، بعدها بدأت تطور اسهامات بعض المتخصصين العسكريين وعلماء الاستراتيجية حول مدى وجدوى القوى البرية والبحرية والجوية ، وقد تطور علم الجغرافيا السياسية فيما بعد من خلال تطوير النظريات والأفكار المؤسسة له، في عام 1904 رسم “هالفورد ماكندر” خريطة لنظرية “قلب الأرض” ثم طورها اثناء الحرب العالمية الثانية عام 1943،بأختصار تدور هذه النظرية حول من يسيطر على قلب الأرض يسيطر على العالم ووضع تصوره للمناطق الجغرافية التي تشكل منن وجهة نظرة قلب الأرض .
لتكن عظيماً، امتلك محيطاً.
وفي سياق اخر، تحدث “الفرد ماهان” عن نظريه القوة البحرية، فالجنرال الأمريكي الذي قضى جزءا كبيرا من عمره يخدم في سلاح البحرية الأمريكي، والذي اصبح فيما بعد من اشهر علماء الجيبوليتك وصاحب كتاب “اثر القوة البحرية على التاريخ” الصادر عام 1898 ، وقد استطاع ان يتنبأ بوقوع الحرب العالمية الأولى قبل اندلاعها ب3 سنوات والذي أصبحت الولايات المتحدة بفضل اسهاماته تصبح قوة بحرية عظمى ، وفقا لأفكاره فان أي دوله تسعى للسيطرة على العالم لابد لها من السيطرة على البحار والمحيطات وشواطئ مفتوحة لتتمكنن من السيطرة على حركة التجارة وبالتالي السيطرة على العالم ، وهو ما جعل الرئيس “ثيودور روزفلت” ان يبني اسطولا أمريكيا كبيرا ويدخل في حرب مع اسبانيا ويؤسس أولى القواعد البحرية الامريكية في المحيط الاطلسي، كما استطاعت أمريكا ان تشترى جزر الاسكا من روسيا، وجزر هاواي في المحيط الهادي، ولتتحول أمريكا القوى العظمى في العالم بعد 130سنه من وفاته.
إثيوبيا دولة حبيسه.
الدولة الحبيسة وهي التي لا تطل على بحيرات او محيطات، كل جيرانها دول برية، او التي تطل على بحر مغلق، وبشكل عام تعاني الدول الحبيسة من عدة إشكاليات وتعتبر اثيوبيا واحدة من 48 دولة حبيسه موجوده بالعالم منها حوالي 16دولة في افريقيا، ويرجع السبب في ذلك الى التقسم الاستعماري الظالم الذي قسم القارة وفقا لمنظوره ومصالحة الاستراتيجية فيها، حتى ادارته للصراعات التي اندلعت في القارة ومن ضمنها الصراع الاثيوبي الاريتري كان الهدف هو التخلص من الحكم الشيوعي ودعم فصائل موالية للغرب وامريكا.
وتعاني الدول الحبيسة من بعض الإشكاليات؛ اذ تتكبد تكاليف باهظة في النقل والرسوم الجمركية في البحرية العالمية، الاضطرار قسرًا على الاحتفاظ بعلاقات ودية مع الدول المجاورة لضمان عدم حرمانها من الوصول إلى سواحلها في حين الحاجة لذلك، اقتران اقتصادها التجاري بشكلٍ وثيق باقتصاد الدول المجاورة، وتعد من أخطر مشاكل الدول الحبيسة. ضعف الأداء الاقتصادي بالنسبة لدول الجوار، وذلك بحكم موقعها البعيد عن الموانئ والسواحل. البقاء في خانة الدول ذوات مؤشر التنمية المنخفض؛ إذ لا يتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 45%، الاستعانة بموانئ وسواحل دول الجوار لغايات الشحن والتجارة، احتمالية توقف التجارة العالمية في الدول الحبيسة في حال اندلاع صراع في دول الجوار.
وعلى الرغم من موارد إثيوبيا الا انها أصبحت دولة حبيسة بعد استقلال اريتريا عنها في منذ أوائل التسعينات ، وهو السبب الرئيسي في اتباع اديس ابابا سياسة استئجار الموانئ البحرية سواء في اريتريا او جيبوتي او الصومال او السودان فقط لتضمن وصولها لمياه البحر الأحمر ومن هنا يتضح الدور الاثيوبي في علاقاته مع دول الجوار فمن ناحية تتدخل اديس ابابا في الازمة السودانية ودعم فصائل معينة ،ومن ناحية أخرى تحاول اديس ابابا تطبيع واسترجاع العلاقات مع اسمرة خاصة خلال الصراع مع التيجراي اذ وصل الامر الى دعم اريتري للقوات الحكومية وتورط القوات الإريترية بشن هجمات على إقليم التيجراي، ويتضح أيضا حرص اثيوبيا على علاقات متينه مع جيبوتي والمحافظة على طريق السكك الحديدة بينهما ، وتدخل اثيوبيا في الازمة الصومالية وربما الهدف موالية لها او على اقل تقدير وجود حكومة ضعيفة لا تطالب باسترجاع إقليم اوجادين ، فضلاً عن سعيها للسيطرة على حصة 19% من اسهم ميناء بربرة والتي انشرت اخبار مؤخراً بفقدها تلك الحصة لعدم استيفائها الشروط ،لكن في ظل تهدئة الأوضاع في إقليم تيجراي وعمل اتفاق سلام لوقف الحرب ربما تحاول اديس ابابا الإبقاء على حصتها .
وبالتالي فتحليلات الجغرافية السياسية وضحت السلوك الإثيوبي اذ تحاول اديس ابابا الخروج من مأزق الدولة الحبيسة لتصل لموانئ البحر الأحمر سواء في السودان او اريتريا او جيبوتي او الصومال بالطبع هناك عدة دوافع لتدخلات اديس ابابا في جوارها الإقليمي ربما سنتناولها فيما بعد .

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة