الرئيسيةمقالات العدلعلي ابو حميدعلي أبوحميد يكتب: التجريف السياسي والإداري .. الجرح الذي لم يلتئم بعد...

علي أبوحميد يكتب: التجريف السياسي والإداري .. الجرح الذي لم يلتئم بعد ثورة 25 يناير

من أبرز الأسباب التي أدت إلى الارتباك السياسي والإداري في مصر بعد ثورة 25 يناير هو التجريف السياسي والإداري الهائل الذي عانت منه البلاد على مدار عقود طويلة. هذا التجريف، الذي نُفّذ بشكل منهجي على يد أنظمة أرادت الحفاظ على بقائها في السلطة بأي ثمن، أضعف مؤسسات الدولة وأفرغ السياسة من محتواها الحقيقي.

تشويه السياسة وإبعاد الناس عنها

على مدار سنوات، تم تشويه صورة العمل السياسي بشكل متعمد، حيث جرى تصويره كعمل عديم الجدوى أو مليء بالمخاطر. كانت النتيجة أن فئة كبيرة من الشعب، وخاصة الشباب، ابتعدت عن السياسة، سواء عن طريق العزوف أو الإقصاء المتعمد. السياسة أصبحت مقصورة على دوائر مغلقة تخدم مصالح الأنظمة الحاكمة، مما أدى إلى غياب التنوع والكفاءة. و أحزاب عاجزة عن تأهيل كوادر جديدة للتضييق الأمني و لنقص الخبرات التنظيمية و محاولات التفجير الداخلي الدائمة عند بزوغ نجم إي كيان فاعل

التجريف الإداري والكوادر المهملة

لم يقتصر الأمر على السياسة فقط، بل امتد إلى الإدارة أيضًا. كوادر الصف الثاني والثالث في المؤسسات تم تهميشها بشكل كامل لصالح مجموعة ضيقة من المسؤولين المقربين من النظام. هذه الكوادر، التي كان يمكن أن تكون بديلًا قويًا وفعّالًا، ظلت بعيدة عن اتخاذ القرار. وعندما جاءت الثورة وأُزيح الصف الأول من المسؤولين، برزت الكارثة بوضوح: دولة بلا قيادات مؤهلة لملء الفراغ.

آثار التجريف المستمرة

التجريف السياسي والإداري لم يكن مجرد خطأ لحظي، بل كان استراتيجية مقصودة لضمان بقاء الأنظمة الحاكمة في مأمن من أي تهديد داخلي. ولكن هذا التجريف ترك البلاد في حالة ضعف مزمن، حيث لا تزال المؤسسات تعاني من نقص الكفاءات والقيادات المؤهلة. الثورة كشفت حجم هذا العطب، ولكن للأسف، لم تُتخذ خطوات جادة لمعالجته بشكل جذري حتى الآن.

مسؤولية أنظمة ما قبل الثورة

لا شك أن الأنظمة السابقة تتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية عما وصلنا إليه. فقد عمدت هذه الأنظمة إلى قمع أي محاولة لبناء حياة سياسية سليمة، وسعت لتفريغ الدولة من أي بدائل حقيقية. هذه السياسات الممنهجة لم تهدم فقط حاضر البلاد في ذلك الوقت، بل أضعفت أيضًا فرص المستقبل.

ما العمل؟

اليوم، ونحن نرى آثار هذا التجريف لا تزال قائمة، يصبح لزامًا علينا التفكير بشكل جاد في إعادة بناء السياسة والإدارة على أسس سليمة. يجب أن نعيد السياسة إلى مكانها الطبيعي كأداة لخدمة المجتمع، وأن نفتح المجال أمام الكفاءات الشابة لتولي المسؤولية بعد تأهيلهم بشكل قوى . كما يجب أن يتم تطوير المؤسسات الإدارية من خلال الاعتماد على الكوادر المؤهلة، واستثمار الموارد البشرية المتاحة بشكل أكثر عدالة وكفاءة.

أن التجريف السياسي والإداري الذي عانت منه مصر كان بمثابة جريمة ممنهجة بحق الدولة والمجتمع. وإذا كانت ثورة 25 يناير قد كشفت هذا الخلل، فإن المهمة الكبرى التي لا تزال أمامنا هي إصلاح هذا الخلل بشكل جذري ومستدام، حتى لا نعيد إنتاج نفس الأزمة مرة أخرى. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة