التاريخ به العبر والخبر، به العظة والموعظة، به الخير والشر، الحكيم والديكتاتور، البطل والخائن، فيه كل الأضداد، لكننا لم نحسن قراءة التاريخ، نتجاهله لنكتب تاريخاً جديداً، بدعوى أن ما سبق كان غير لائق لنبدأ صفحة تطويها صفحات بدون أن نصل إلى مبتغانا.
العجلة تم اختراعها فلماذا نبحث لنخترع عجلة أخري؟ قد أتفهم أن نضيف عليها، أن نحسن من قدرتها، وحركتها، لكن أن ننتظر لنبدأ من جديد، فلن نصل إلى شيء.
الغرب بدأ نهضته من حيث انتهينا، وقت قوتنا، ونهضتنا، وعنفواننا، ووحدتنا، فاتحد وقت أن تفرقنا، خرج من عصر الظلمات، وأدخلنا، وكأن الدنيا دوائر يوم لنا، وسنوات عجاف علينا، فمتى نخرج من عنق الزجاجة؟!
لقد قطعونا إرباً، استمالونا، واستخدمونا، وكأننا قطعة صلصال يشكلونها كما أرادوا، ولم نواجه الحقيقة مرة واحدة.
هل نظرنا لحالنا وتمهلنا، وفكرنا، وعقلنا، وتعقلنا؟!
فقد أصبح اليمن يمنين، والصومال صوماليين، والسودان تنعي زمانها القديم، وليبيا تبكي مختارها، والعراق تترحم على فيصلها.
وأين تونس الخضراء، وزيتون فلسطين؟
أتبكي الأردن فعلها وماضيها، والمغرب هجرانها وبعدها؟
أين تبكي يا كل عربي؟ أم أنك أصبحت جحوداً ذو مقلتين متحجرتين، لا يعنيك ألمي، ولا يضجرك قتلي، ولا يشغلك تقسيمي، ونهب خيراتي؟!
أمات الطائي ولا طائي بعده؟ أذهب أصحاب المعلقات وأغلقت دفاتر عروبتا، وبقي هجاء أبو نواس؟ يا من تعلمت المدح من المتنبي فقد قتلته كلماته، فاين ضميرك؟!
هل مات العرب؟ أم مازالت حرب البسوس قائمة؟
ألم تسمعوا صرخات الخنساء وبكائها، أم ندمتم للوعة جميل بثينة، وأشجاكم شعر عنتر لعبله؟
يامن استجبتم لصرخات من قالت: وامعتصماه.
أين أنتم؟!
الكل ينادي، يصرخ، يزايد، يتفاخر، يتباهى. أنا أفضل منك، أنا أغنى منك، أنا الملك، الأمير، السلطان، الديكتاتور، أنا أمير المؤمنين، فأين الإنسان فيكم؟
أنسوا هذا وتعالوا نجتمع لنشجب، وندين، لنزايد على فعلنا، عملنا، تحركاتنا، كلماتنا القوية.
تعالوا نتبارى، من يشجب أكثر، من يطبع أكثر، من يندد أكثر، من يصرح تصريحات نارية، من يظل طوال الوقت ينظف بندقيته، من يحملها على كتفه، من يضع على كتفه شال فلسطين، من قال للعدو توقف، ولكنه لم يتوقف، لم يسمع .. لم يفهم.
أأنت أعجمي، أتفهم كلماتي، لهجتي، سأسطر لك سطرا باللغة العربية، مادامت كلماتي غير مفهومة، ولهجتي غير معلومة، فأنا لا أفهم اللهجة الجزائرية، ولا أستوضح التونسية، لكننا ضحكنا وقت أن شاهدنا العيال كبرت، وابتسمنا لعادل امام، وطربنا مع أم كلثوم، ونبضت قلوبنا وهي تسمع العندليب، وضحكت العيون لمنولوج إسماعيل ياسين، وأحببنا الكرة من أجل مو صلاح، شجعنا قطر والسعودية ومصر في المونديال، وسنهتف للأهلي المصري في المونديال، وستخشع القلوب وهي تسمع الشيخ عبدالباسط، وتجويد الطبلاوي، وابتهالات طوبار.
أنا ابني زويل، ونجيب محفوظ، أنا جدي خوفو وخفرع، أنا بطلي أحمس وتحتمس، أنا مليكتي حتشبسوت ونفرتيتي، أنا من بنيت الأهرامات، أنا ابن أبي، أنا ابن قريتي الصغيرة وبلدي الكبير.
أنا المصري العربي، الأفريقي، الفرعوني، القبطي، لا أعرف الخيانة، فأنا من حاربت في حطين، وعين جالوت، أنا من عبرت القناة، أنا من انتصرت في النهاية، فأنا السيف والدرع.
فلا تنسوا من أنا، قد نكون نحن من نسي، لكني من اليوم سأقرأ لأولادي التاريخ، ليعرفوا من أنا.
فأنا المصري كريم العنصرين، وستعرفون في لحظات كثيرة من أنا، فلا تتعالوا؛ فأنا التاريخ وقت أن بدأ، وأنا الحضارة جئت معها في مهدها، أنا إرثي باقي، ومواقفي واضحة، فلا تزايد عليا، واقرأ تاريخي إن كنت حقاً تعرف اللغة العربية والقبطية والهيروغليفية. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
