شهدت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر في 7 أبريل 2025 إعلانًا رسميًا عن رفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية”، خلال لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة. وتم توقيع بيان مشترك يؤكد التزام الجانبين بتوسيع التعاون في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
أكد ماكرون أن مصر تمثل شريكًا استراتيجيًا وصديقًا تاريخيًا لفرنسا، مشيرًا إلى أهمية تعزيز التنسيق الثنائي، ودعم استقرار مصر في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة.
مفهوم الشراكة الاستراتيجية
في إطار العلاقات الدولية، تشير الشراكة الاستراتيجية إلى تعاون طويل الأمد وشامل بين دولتين في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتنموية، مع آليات منتظمة للتنسيق على مستويات عليا، دون أن ترقى بالضرورة إلى تحالف عسكري رسمي.
لمحة عن العلاقات المصرية الفرنسية
ترتبط مصر وفرنسا بعلاقات تاريخية عميقة تعود إلى الحملة الفرنسية على مصر في 1798، والتي رغم ما خلفته من آثار، كانت بداية لعلاقات ثقافية وعلمية مستمرة. لعبت فرنسا دورًا محوريًا في نشأة علم المصريات، كما ساهمت في تنفيذ مشروعات بنية تحتية كبرى مثل قناة السويس.
شهدت العلاقات الثنائية تحولات كبرى، منها أزمة العدوان الثلاثي عام 1956، ثم عودة التعاون التدريجي. وفي السنوات الأخيرة، تعززت الشراكة في مجالات الثقافة والتعليم والتبادل الاقتصادي. وقد شهد عام 2019 الاحتفال بالعام الثقافي المصري الفرنسي، مما أتاح فرصًا أوسع للتعاون الأكاديمي والفني.
مجالات التعاون الاستراتيجي
أسفرت زيارة ماكرون عن توقيع حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات حيوية. ففي قطاع الصحة، تم الاتفاق على إنشاء مركز صحي فرنسي في القاهرة لنقل الخبرات وتعزيز الخدمات الطبية. وفي مجال النقل، تم الاتفاق على دعم فرنسا لتنفيذ الخط السادس لمترو القاهرة، بالإضافة إلى تقديم قروض ومنح بقيمة 260 مليون يورو لمشروعات البنية التحتية.
في التعليم، تم الاتفاق على إنشاء 100 مدرسة فرنكفونية جديدة وتعزيز التعاون بين الجامعات، بما يدعم تطوير التعليم وتوطين المعرفة في مصر. كما أعلنت فرنسا عن استثمارات جديدة ضمن شراكتها الاقتصادية مع مصر، حيث بلغت استثماراتها القائمة أكثر من 7 مليارات دولار من خلال أكثر من 180 شركة، بما يسهم في خلق فرص عمل وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وفي قطاع الطاقة، تم توقيع اتفاق لإقامة مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في خليج السويس بقيمة 7 مليارات يورو، ما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة. أما في المجال الدفاعي، فقد تم التأكيد على استمرار التعاون، خاصة في ضوء صفقات التسليح السابقة والتدريبات العسكرية المشتركة.
المكاسب الاقتصادية لمصر
فرنسا تعد من أبرز الشركاء الاقتصاديين لمصر في أوروبا. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 2.9 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ2.5 مليار في 2023، بينما تجاوزت الصادرات المصرية إلى فرنسا مليار دولار، تشمل منتجات كهربائية وأسمدة ووقود.
وتساهم فرنسا بشكل مباشر في دعم جهود التنمية من خلال تقديم تمويلات ميسرة، فضلاً عن دعمها لمفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، بما يعزز استقرار الاقتصاد الكلي.
الأهمية الجيوسياسية لمصر
يمثل تعزيز العلاقات مع فرنسا إضافة مهمة للدور الإقليمي والدولي لمصر، حيث تتيح هذه الشراكة دعمًا سياسيًا من أحد أبرز أعضاء الاتحاد الأوروبي وعضو دائم في مجلس الأمن. كما تساعد على تنويع الشركاء الاستراتيجيين لمصر، دون الاعتماد على جهة واحدة، بما ينسجم مع سياستها الخارجية متعددة الأبعاد.
شراكة داعمة لمستقبل مصر
تأتي الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا في توقيت دقيق تسعى فيه الدولة إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية وهيكلية عميقة، وتعزيز التنمية المستدامة. من خلال هذه الشراكة، يمكن لمصر الاستفادة من الدعم الفني والمالي الفرنسي لتنفيذ مشروعات كبرى في مجالات الطاقة والنقل والتعليم، بما ينعكس على تحسين جودة الحياة للمواطنين.
كما تتيح هذه الشراكة دعمًا سياسيًا لمصر على الساحة الدولية، وتفتح آفاقًا جديدة لتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة جاذبية بيئة الاستثمار. وفي الوقت ذاته، فإن استدامة هذه الشراكة تتطلب التزامًا مصريًا واضحًا بقيم الشفافية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، وهي قيم تُعد أساسية في بناء الثقة مع الشركاء الدوليين.
إن بناء نموذج تنموي متوازن يجمع بين الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والانفتاح الديمقراطي هو هدف استراتيجي لمصر في المرحلة القادمة، ويمكن للشراكة مع فرنسا أن تكون ركيزة محورية لتحقيق هذا الهدف، إذا ما تم توظيفها بكفاءة وإرادة سياسية واضحة.
#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
إنضم الآن إلى #حزب_العدل
املئ الاستمارة من هنا
https://eladlparty.com/انضم-الي-الحزب
كل التفاعلات:
