في ظل الدمار الشامل الذي تعيشه غزة والفراغ السياسي المتعمد، تبرز فكرة “الإدارة المؤقتة” كحل مفترض تروج له دوائر غربية بالتعاون مع إسرائيل. لكن هل هذه الخطوة تمثل حلاً عملياً للأزمة، أم أنها مجرد أداة جديدة لتدعيم السيطرة على القطاع المحاصر؟
السياق الخادع للحلول المؤقتة
التاريخ يخبرنا أن ما يسمى “الحلول المؤقتة” في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي غالباً ما تتحول إلى أوضاع دائمة. اتفاقيات أوسلو التي كان يفترض أن تكون مرحلة انتقالية لمدة خمس سنوات تحولت إلى نظام دائم من التجزئة والاحتواء. اليوم، تعود نفس العقلية التي تبحث عن “إدارة انتقالية” بدلاً من حل جذري. المشكلة الأساسية أن هذه الخطط تُصمم في غرف مغلقة بين واشنطن وتل أبيب دون أي اعتبار للإرادة الفلسطينية. إنها محاولة لإنقاذ إسرائيل من مأزقها العسكري والسياسي في غزة، وليس بحثاً حقيقياً عن استقرار دائم.
مغالطة الإدارة المحايدة
يدعي المروجون لهذه الفكرة أن “إدارة دولية” أو “إدارة مؤقتة” ستكون محايدة وقادرة على إعادة الأعمار. لكن الواقع يقول إن أي إدارة تأتي تحت الحماية الأمريكية والإسرائيلية ستبقى رهينة الشروط الإسرائيلية. أليست “UNRWA” – المفوضية الأممية للاجئين – التي تعمل منذ عقود تحت رقابة إسرائيلية صارمة؟ وما الذي منعها من تحقيق تنمية حقيقية؟ الأخطر أن هذه الخطط تتجاهل عمداً القوى الفلسطينية الفاعلة على الأرض. إنها تتعامل مع غزة كمساحة جغرافية بلا شعب، أو كمجرد مشكلة لوجستية تحتاج لإدارة، وليس كجزء من قضية سياسية تحتاج لحل عادل.
البدائل المرفوضة عمداً
الحلول الحقيقية معروفة لكنها مرفوضة لأنها تتطلب خطوات جذرية: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ضمان حق العودة للاجئين، إجراء انتخابات فلسطينية حقيقية، ووقف التدخل الخارجي في الشؤون الفلسطينية. لكن بدلاً من ذلك، يتم تقديم وهم “الإدارة المؤقتة” كحل سحري، بينما يتم تعميق التجزئة بين الضفة وغزة، وتكريس التبعية للدعم الخارجي.
الاستعمار الجديد بأقنعة إنسانية
ما يحدث هو إعادة إنتاج لنموذج الاستعمار الحديث تحت شعارات إنسانية. الإدارة المؤقتة ستصبح أداة لتحويل القضية السياسية إلى مجرد أزمة إدارة وحكم، وإضفاء شرعية زائفة على الوضع القائم، وتمهيد الطريق لصفقات تطبيع جديدة على حساب الحقوق الفلسطينية.
خاتمة: من يدفع الثمن؟
في النهاية، كالعادة، سيدفع الشعب الفلسطيني ثمن هذه “الحلول” المزيفة. الإدارة المؤقتة لن تكون إلا غطاءً لاستمرار الاحتلال بأشكال جديدة، ولإدامة تقسيم الفلسطينيين سياسياً وجغرافياً. الحقيقة المرة هي أنه لا إدارة مؤقتة ولا أي حل آخر يمكن أن ينجح ما دام يعتمد على إنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. فبدلاً عن البحث عن مساحات جديدة للهيمنة، ربما حان الوقت للاعتراف بأن العدل والحرية هما الطريق الوحيد للسلام الحقيقي.
#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
