علي أبوحميد يكتب:
في زمن تتشابك فيه الحكايات وتُروى فيه الوقائع كما أرادها كُتّاب السُلطة أو مَن بقوا في ظلها، يبقى التاريخ المصري – ذلك الكنز المدفون تحت طبقات من التوجيه والتهميش – بلا قراءة حقيقية تعكس عمقه وتنوّعه. من قلب حضارة عمرها آلاف السنين، نطرح هنا تساؤلًا جوهريًا: لماذا لا نُدرك تاريخنا كما يجب ان يكون؟ ولماذا لا نمنح أنفسنا حق الاطلاع على الوثائق المخفية التي تشكّل وعينا وهويتنا؟ في هذا المقال، نفتح نافذة للتأمل والنقد، لعلّها تكون بداية لاسترداد الذاكرة الغائبة.
هل نستفيد حقًا من تاريخنا وتجاربنا الممتدة عبر آلاف السنين؟ هل نُدرك ما تمتلكه مصر من رصيد حضاري هائل، وهي الدولة التي وُلدت منذ أكثر من سبعة آلاف عام، وأسّست أول دولة متكاملة الأركان من أرضٍ وشعبٍ وحدودٍ وجيش؟
مع الأسف، كثيرًا ما يُقدَّم التاريخ لنا في صيغ مختزلة، إما عبر مناهج مدرسية جامدة أو من خلال معلومات سطحية لا تُعبّر عن عمق التجربة المصرية. ولهذا لا نستغرب حين يُفاجأ البعض عند سماع وقائع تاريخية حقيقية عن حكّام أو مفكرين أو علماء مصريين، لم تُذكر أسماؤهم إلا عرضًا، أو لم يُكتب عنهم شيء أصلًا.
المشكلة أن التاريخ غالبًا ما يُكتب من وجهة نظر واحدة: إما المنتصر الذي فرض روايته، أو المهزوم الذي بقي في السلطة فدوّن تاريخًا مشوّهًا. أما الوثائق الأصلية، فهي إما مفقودة، أو مخفية، أو يصعب الوصول إليها، مما يجعل مهمة الباحثين الحقيقيين بالغة الصعوبة.
وتكمن المأساة في أننا نُركّز دائمًا على التاريخ الرسمي، تاريخ السلاطين والحروب، بينما يُهمل تاريخ العلماء، والفنانين، والمفكرين، وأصحاب الإبداع الذين تركوا بصمة حقيقية على وجدان الأمة. هذا التاريخ “الناعم” لا يقل أهمية عن تاريخ العروش والمعارك، بل ربما هو الأصدق تعبيرًا عن روح هذا الوطن.
من حقنا جميعًا أن نعرف تاريخنا الحقيقي، لا من أجل الفخر فقط، بل من أجل الوعي والتعلّم. فالأمم التي لا تعرف تاريخها، لا تملك مستقبلها. ومصر، التي مرّت بكل ما يمكن أن يتخيله العقل البشري، تستحق أن يُفتح كتابها العظيم من جديد، وأن تُروى حكاياتها بصدق وحرية وعدل. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
