رغم النتائج غير المُرضية التي حققها مرشحو المعارضة المصرية في الاستحقاقات البرلمانية الحالية، يبقى السؤال الجوهري حاضرًا بإلحاح: ماذا نملك سوى الاستمرار في الطريق السلمي للتغيير؟ هذا السؤال لا يُطرح من باب التبرير أو الهروب من الواقع، بل باعتباره خلاصة تجربة سياسية ميدانية، وهو جوابي الدائم لكل من يسأل، سواء كان من الداعمين أو من الخصوم.
الاعتقاد السائد لدى البعض أن طريق التغيير سهل، أو أنه يمكن أن يتحقق دون مقاومة من قوى النفوذ والموالاة، هو تصور بعيد عن الواقع. الحقيقة أن هذا الطريق طويل وشاق، وبضاعته غالية، لا يقدر على حملها أو الدفاع عنها إلا من امتلك الصبر والإيمان بالفكرة. كل خطوة فيه لها ثمن، وكل محاولة تواجه اختبارات قاسية للإرادة.
في معاركنا الانتخابية داخل دوائر مصر المختلفة، لم تكن المعركة الأولى معركة أصوات أو أرقام، بل كانت معركة وعي. واجهنا حالة عامة من اليأس، وقناعة لدى قطاعات واسعة بأن النتائج محسومة سلفًا، وخوفًا من مجرد المشاركة. ومع ذلك، فإن كسر هذا الحاجز، وفتح مساحات للنقاش والحوار، شكّل في حد ذاته إنجازًا سياسيًا لا يمكن التقليل من شأنه.
لم يكن المال السياسي غائبًا عن هذه المعارك، كما لم تكن الضغوط والمقاومة مقتصرة على الخصوم فقط، بل امتدت أحيانًا إلى الشارع نفسه. وعلى الطريق، غاب رفاق كنا نظنهم شركاء في المشوار، ولم نجد لهم أثرًا حين ازدادت كلفة الاستمرار. كانت معركة غير متكافئة، لكنها كاشفة، ومليئة بالدروس.
ورغم كل الصعوبات، لم تكن الحصيلة صفرًا. عرفتنا الناس أكثر، وتعارفنا نحن عليهم بعمق أكبر. استمعنا إلى مشكلاتهم الحقيقية، وحاولنا ترجمتها إلى برامج واقعية وحلول قابلة للتطبيق. قابلنا مواطنين يحترمون هذا النهج، ويتمنون أن يروا السياسة تمارس بقدر أكبر من النزاهة والصدق.
مع الوقت، أصبحت خطواتنا أكثر هدوءًا واتزانًا، وإن بدت أبطأ. أدركنا أن التراكم أهم من الاندفاع، وأن التنظيم الصبور يصنع أثرًا أعمق من الضجيج المؤقت، وأن بناء الثقة مع الناس عملية طويلة لا تُقاس بنتائج جولة واحدة.
من هنا، يظل قرار الاستمرار واضحًا لا التباس فيه. نحن ماضون في هذا الطريق حتى نهايته، مؤمنون بأن التغيير الحقيقي لا يكون إلا سلميًا، ولا يمر إلا عبر الصناديق، في كل الأحوال. قد نخسر جولات، لكننا لا ننسحب من المعركة، لأن معركتنا الحقيقية هي معركة المستقبل. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل




