كانت فرحتنا غامرة بتنظيم قطر للعرس الكروى الأكبر فى العالم،حيث اتجهت أنظار العالم الى قطر الدولة العربية بتقاليدها وهويتها التى عكستها على ضيوفها،ورأى الناظرون من الضيوف الكرم العربى والتقاليد والعادات عن قرب،وزادت فرحتنا بدعم الفرق العربية المشاركة فى المونديال حتى خروجهم بنظرية التمثيل المشرف،وزاد من غبطتنا روح الفريق المغربى الذى تخطى بأحلامة كل التوقعات ووصل الى مربع الكبار .
ولكن هذا المونديال خلق حالة رائعة من التكاتف العربى والدعم وراء الفريق المغربى الشقيق،وزاد الجدل من البعض وهم يقولون انهم أفارقة وليسوا عرب واخريقول أمازيغ ومهما قيل كانت الروح العربية على أرض عربية طاغية ومن القلب،تهتف للمغرب الذى يمثل لهم الحلم والأمل والبطولة والقدرة ،حينما تخطى بأقدام لاعبية وروحهم ومثابرتهم نظرية التمثيل المشرف إلا نظرية نحن كبار ونستطيع ان نجابههم .
ولكن على المستوى الشخصى شغلني سؤال: هل نحن عرب أم أفارقة؟ وبحثت عن الهوية المصرية التي يجب أن تكون مغروسة في نفوس وعقول المصريين. وقد شغلت كثير من الفلاسفة والمفكرين حتى في التعريف.
الهوية الوطنية في كل أمة هي مجموع ما تتميز بة من خصائص ومميزات تنمي فيها روح الولاء والانتماء، كموقع جغرافي، وتاريخ مشترك، ولغة، وعلم واحد، وعملة واحدة، وخصائص اقتصادية، ويتمتعون بكل الحقوق والحريات التي تقوي النسيج الاجتماع
مصر أرض الحضارات وبداية التاريخ وعاشت في كنف الحضارة الفرعونية وبعد تاريخ طويل من الاستعمار والغزو والتحالفات تمزقت مصر بين الحضارة اليونانية والرومانية والقبطية والاسلامية فهي كل هؤلاء.
تذكرت قول د. طه حسين إن: الحضارة المصرية والفرعونية متأصلة في نفوس المصريين وستبقي كذلك، بل ويجب أن تبقي وتقوي والمصري فرعوني قبل أن يكون عربيًا،وكان حسين يرفض فكرة أن مصر عربية ويعتبر أن الثقافة المصرية ليست عربية، وإنما تتبع ثقافة حوض البحر المتوسط .
وكان أحمد لطفي السيد ينتقد من يروجون لفكرة الانتساب للعرب على حساب الفراعنة، ويرى إن المصري الأسمر والأبيض والقمحي والأشقر كلهم مصريون يقولو إن: لنا تاريخ قديم متصل الحلقات، فنحن فراعنة مصر، ونحن عرب مصر، ونحن مماليك مصر وأتراكها.
وكان الخديوي اسماعيل يري أن مصر جزء من أوروبا، ثم مصر أفريقية وجزء منها ومستقبلها معها.
ويري الدكتور ميلاد حنا في كتابة الأعمدة السبعة للشخصية المصرية إن مصر عربية وتتحدث وتفكر بالعربية ثم هي بحر أوسطية .
كما يؤكد جمال حمدان أن الشعب المصري بموهبته الفريدة صهر كل ما قبله من ثقافات ولغات وخرج بها في نسيج جديد يحمل طابعه الخاص وكان يري ضرورة إحداث ثورة في الشخصية المصرية وعلى الشخصية المصرية.
لذا تسعي الدولة للحفاظ على الهوية المصرية وتأصيلها وتعميقها داخل وجدان المصريين، وكل مؤسسة داخل الدولة لها دور تقوم به؛ فوزارة الهجرة أطلقت مبادرة “اتكلم عربي” وهي تستهدف المصريين المقيمين بالخارج لربطهم بالداخل وتقوية الانتماء لديهم.
وكذلك دور وزارة الثقافة ودور النشر والمسرح ودار الأوبرا وقصور الثقافة والدراما المصرية والسينما والندوات والمؤتمرات وحوارت المثقفين والمبدعين والإعلام المقروء والمسموع والمرئي، وضرورة إعادة هيكلة كل الجهات التي لها دور في خلق التوعية وتصحيح المفاهيم لكل المصريين للحفاظ على عقلياتهم وهوياتهم، ويقف كل هؤلاء حائط صد منيع في محاولات طمس الهوية المصرية.
كما تقوم وزارة الأوقاف، والأزهر الشريف، والكنيسة، بسعى جاد لتجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم وتعزيز المواطنة .
كما تقوم الدولة من خلال المبادرات والمؤتمرات التى تطلقها مثل منتدى الشباب العالمي ومؤتمرات الشباب التي تقام بالمحافظات ومبادرة وعي بالجامعات والبرنامج الرئاسي لتدريب الشباب ودور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى وغيرها تستهدف الشباب لإعداد القادة وتولي المسئولية وتنمية شعورهم وانتمائهم الوطني للحفاظ على أمن الوطن وسلامته والعمل علي رفعته واعتزازهم بانتصاراته وحزنهم على أي تقصير واحترامهم للعادات والتقاليد ومشاركة شركاء المجتمع أعيادهم ومناسباتهم الدينية ومشاركتهم العمل التطوعي لخدمة مجتمعهم واحترامهم للقوانين والدستور .
وللأسرة والتربية دور مهم في رفع الوعي وزرع حب الوطن، وكذلك المدرسة والجامعات ونظام التعليم والأنشطة الطلابية المختلفة تساهم في تعزيز وترسيخ الانتماء والمواطنة.
الهوية المصرية صنعها المصري عبر التاريخ والأزمان والتجارب الحياتية وهي ثابتة لا تهتز ولا تتأثر برغم محاولات البعض طمسها. وأتذكر ما قاله “اللورد كرومر” في كتابة مصر المحدثة إنه: لم يجد فرق بين الأقباط والمسلمين في المسائل العامة وكان الفارق الوحيد هذا يصلي في مسجد وهذا يصلي في كنيسة”.
حفظ الله مصر وشعبها
عبد الغني الحايس، مساعد رئيس حزب العدل لشئون الاتصال السياسي