التسامح هو أرقى القيم الانسانية، فهو تلك القيمة الأخلاقية والقيم الدينية، التى ترتبط بمفهوم الإخاء والمحبة، وأيضا هى تلك القيم السياسية التى تقبل بالاختلاف، وهى تلك القومية التى تدعونا لعدم التمييز، بل وتحدد الحقوق والواجبات فى إطار المواطنة بتقبل الأفكار والآراء والتعايش مع الآخرين بسلام، حتى ولو كانت عكس ما نؤمن به.
هنا نرى بأن التسامح معناه الفضيلة، التى تعبر عن احترام الاختلاف مع الآخر، وتبث روح الإيجابية فى المجتمعات، من خلال نبذ العنف، والسعى دوما لتحقيق السلام والحفاظ على حقوق الانسان.
إن الطبيعة البشرية تحتم بوجود الاختلاف، لكونه من مقتضيات العقل، ومن ضروريات التنوع الثقافى، الذى هو مرآة للتسامح في أى مجتمع، وإذا ما أحسنت جيدا إدارته، ولا شك بأن الوعى بخطورة تلك الأزمة والإرادة القوية بالعودة الى المشتركات الإنسانية، والقيم الاخلاقية وفى مقدمتها التسامح، الذى هو الحل الأوقع والأمثل للوصول الى مطالب أساسية، كحقوق الانسان والديمقراطية، والعمل على تطبيق فكرية ومنهجية التسامح لا يكون بالتشدق بالأقوال بل بالاعتراف بحق كل إنسان.
لذلك عندما نساهم فى نشر ثقافة قبول الآخر، يصبح المجتمع مكانا أفضل للعيش فيه، إذا كان بإمكاننا جميعا أن نكون أكثر انفتاحا على الاخرين، واحترام تلك الاختلافات، ومفتاح هذا التسامح، هو فهم مدى أهمية الفهم أن لكل منا الحق فى إبداء رأيه الخاص، وإن احترم وجهة نظر كل فرد أمر ضروري، حتى لو لم نتمكن من الاتفاق أو التوافق معه.
وفى النهاية جميعنا ندرك أن ثقافة التسامح، وقبول الآخر هى المفتاح لأى نجاح، وعلى كافة المستويات، فالاختلاف بين أفراد المجتمع الواحد أمر طبيعي، بل ومقبول منطقيا لكن غير المقبول أن يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف، بل يجب أن يكون هناك متسع لتقبل الآخرين، واختلافهم وقبول الآخر لا يعنى بأى ضرورة اقتناعك برأيه، أو فكره فللجميع الحق فى اتخاذ التصور الذى يراه مناسبا له، وإنما هو إقرار وإجماع بوجود رأى آخر، واحترامه فالتأكيد على أن قبول الآخر ثقافة تكتسب منذ الصغر، فمن المهم نشر هذه الثقافة بين الأطفال ثم الصعود إلى الفئات العمرية الأخرى، ثم يأتي دور المدارس والأسرة فى زرع تلك الثقافة، من خلال تربية متوازنة ووضع مناهج جديدة لإعداد جيل وطني سوي واعي يقبل بأن الحياة والأرض تتسع لنا جميعا.