الرئيسيةمقالات العدلأين الحكومة ووزاراتها وجهاتها التنفيذية؟

أين الحكومة ووزاراتها وجهاتها التنفيذية؟

حسام حسن الخشت يكتب:

في بلد يُفترض أنه من أعرق دول العالم في تأسيس الكيانات المؤسسية، ومن أوائل من عرفوا الدولة المركزية المنظمة، يبدو المشهد العام اليوم وقد انقلب على ذاته. فقد أصبح المواطن لا يرى في الحكومة ووزاراتها والجهات التنفيذية المعنية ملاذًا، ولا في الإدارة العامة حلًا، ولا في الهيئات الحكومية المختصة قدرةً أو كفاءة. كل أزمة تُقابَل بنداءٍ واحد متكرر: “نناشد الرئيس”. مشاهد تتكرر بلا انقطاع: محالّ تُغلق بسبب الإجراءات أو التجاوزات أو الغموض الإداري، فيخرج أصحابها يناشدون الرئيس. مستشفيات تتقاعس أو تتعطل أو تهدر حياة الناس، فتعلو الأصوات مناشدةً الرئيس. أزمات نقابية، صراعات إدارية، حوادث طرق، تعثر في الخدمات، عجز في التنظيم، وبدلًا من أن تتدخل الوزارات والجهات التنفيذية المعنية، يُترك المواطن وحده في مواجهة فراغ كامل، فلا يجد أمامه سوى الرئيس ليطلب الإنصاف، وكأن رأس الدولة بات هو جهة الاختصاص في كل شاردة وواردة.

ما يحدث هنا لا يمكن اختزاله في ضعف أداء أو قصور حكومة فقط، بل هو انعكاس مباشر لانهيار جدار الثقة بين المواطن وبين الحكومة ووزاراتها وهيئاتها التنفيذية. إنها أزمة ثقة مكتملة الأركان، تتغلغل في تفاصيل الحياة اليومية للمصريين. فحين تفقد هذه الجهات هيبتها وتصبح بلا فعالية، يتحول الناس إلى الالتفاف حول الفرد، لأنهم فقدوا الأمل في أي وسيط بينه وبينهم. وهكذا يتضخم الاعتماد الشخصي على رأس السلطة، وتتراجع الدولة الحديثة التي تقوم على توزيع الأدوار وتفعيل الكيانات، والسؤال: كيف سنبني الجمهورية الجديدة بهذا المنطق؟ لقد أصبحت مناشدة الرئيس ليست مجرد ظاهرة، بل نظامًا موازيًا يعكس عمق العطب.

في ظل هذا الواقع، نطرح تساؤلات لا يمكن تجاهلها: أين الحكومة؟ أين وزاراتها؟ أين الجهات التنفيذية؟ أين المحليات؟ وأين الحوار الوطني الذي وُعِد الناس بأنه سيكون منصة التلاقي وممرًا حقيقيًا للإصلاح؟ أين ذهبت مخرجاته؟ هل ضاعت؟ هل تم تجاهلها؟ أم لم تكن موجودة من الأصل إلا كتمرين سياسي بلا امتداد فعلي؟ إن استمرار هذا المشهد يعني أن لا شيء مما قيل قد تُرجِم إلى فعل أو إرادة حقيقية لتغيير المسار.

ما نواجهه اليوم يتجاوز الاقتصاد والغلاء والتضخم. نحن أمام خطر مزدوج: خطر اجتماعي يتمثل في شعور المواطن بالعزلة والخذلان واللامبالاة، حيث يصبح اللجوء للرئيس فعل يأس لا فعل أمل. وخطر سياسي يتمثل في تآكل الدور المؤسسي للحكومة ووزاراتها والجهات التنفيذية التابعة لها. وهذا التآكل، إذا لم يُعالَج من جذوره، فلن يكون الخطر القادم اقتصاديًا فقط، بل اجتماعيًا وسياسيًا معًا، بما يحمله من احتمالات فقدان التماسك الداخلي وتراجع شرعية وقدرة هذه الهيئات أمام الشارع.

الدولة القوية ليست تلك التي يُناشد فيها الرئيس في كل صغيرة وكبيرة، بل التي تعمل فيها الحكومة ووزاراتها والجهات التنفيذية بكفاءة واستقلالية، وتتحمل مسؤولياتها دون انتظار. نحن في حاجة لاستعادة منطق الدولة، لا منطق المناشدة.

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

إنضم الآن إلى #حزب_العدل
املئ الاستمارة من هنا
https://eladlparty.com/انضم-الي-الحزب

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏أقلام عدلاوية حسام حسن الخشت يكتب أين الحكومة ووزاراتها وجهاتها التنفيذية؟ foxo eladlparty.com اصدل حزب العدل‏'‏‏

٧١٧١

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة