الرئيسيةمقالات العدللماذا حكومة سياسية؟

لماذا حكومة سياسية؟

عبد العزيز الشناوي| يكتب:

لماذا حكومة سياسية؟

مع تطور العقل الجمعي البشري، وإقامة الدولة بمفهومها الحديث، وصل البشر إلى تلك المؤسسة المعروفة بالحكومة، التي تضطلع بمهام إدارة شئون العامة وإنفاذ القانون واحتكار القوة المعينة على أداء مهامها وحماية سيادة دولتها.

وفي حين نصت الفقرة الثالثة من المادة رقم (٢١) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن “إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم”؛ كان الهدف الأول للحكومات في الأوضاع الطبيعية هو السعي نحو إرضاء شعوبها وتحقيق المستوى الأنسب من الحياة الكريمة لهم، طمعاً في نيل رضا الجمهور واستمرار ثقته بها.

ومع ترقب إعلان الحكومة الجديدة التي كُلف بتشكيلها الدكتور مصطفى مدبولي، نرجح كفة حكومة السياسيين على حساب حكومة التكنوقراط، سعياً نحو تحقيق هذا الرضا الشعبي الذي افتقدته الحكومة السابقة لغياب السياسة عن أذهان متخذي القرار فيها وافتقادها لتلك الكفاءات السياسية القادرة على خلق المواءمة وقياس الأثر السياسي والمجتمعي لمواقفها وقراراتها وانحيازاتها.

تُعرف حكومة التكنوقراط بأنها تلك الحكومة التي تضم وزراء “فنيين” متخصصين في مجالات وزاراتهم، في مبعدٍ عن الخلفيات السياسية والحزبية، وهي في الأصل يُستعان بها وقت الأزمات من أجل الهروب من دائرة الجدل الأيديولوجي استهدافا للبناء بغير حسابات سياسية. وحيثما تستقر الدول تبتعد عن هذا النوع من الحكومات وتسعى لترسيخ الأفكار السياسية الأنسب لإدارة أمور شعوبها.

بينما تعرف حكومة السياسيين بأنها حكومات حزبية أو ائتلافية، تملك رؤى وأفكار سياسية، تبني عليها قراراتها وانحيازاتها، استهدافاً لجمهور ناخبيها وترسيخا لنمطها الأيديولوجي.

ربما أبرز ما يميز حكومات السياسيين عن نظيرتها التكنوقراط، هو هذا الحس السياسي الذي يمتلكه الوزراء السياسيين ويوجه بوصلتهم في كل قرار يمس مصالح الشعب، ويجعلهم دائماً يميلون نحو المواءمة السياسية.

يمتاز دائما الوزير السياسي بقدرته على الحديث للجمهور، واستمالتهم واسترضائهم، على عكس التكنوقراط الذي لا يعنيه سوى فنياته.

يسعى الوزير السياسي دائما نحو كسب الجماهير، وكيف لا وهو الذي يستهدف أصواتهم لتياره وأفكاره في الانتخابات، بينما يسعى التكنوقراط لإرضاء من قرر تعيينه في منصبه فيتحول لشبه سكرتارية لرئيسه ولا يعنيه جمهور إذ لا يستهدف ناخبين في يومٍ ما.

يعلم الوزير السياسي جيداً، ماذا يقول، ومتى، وما هي الصيغة الأنسب لحديثه، وهو دائماً الأقل إثارة للجدل وإحداثاً للغط، على خلاف التكنوقراط الذين وجدنا منهم العديد من المشكلات بتصريحات غير مناسبة أثارت الرأي العام، ولن نستفيض في الأمثلة لكي لا يفهم الحديث بشخصنة.

ربما يكون الوزير الفني (التكنوقراط) هو الأكثر راحةً للرئيس الذي عينه، فهو الذي ينفذ السياسة المطلوبة منه دون مناقشة، بينما يحتاج الوزير السياسي إلى ذلك الحد الأدنى من الحرية لتنفيذ السياسة العامة التي يضعها رئيس الجمهورية، وفق رؤيته وقناعاته وخبرته السياسية.

ولعل المكسب يتضاعف بالجنوح نحو حكومات السياسيين، فهي السبيل لتطوير الحياة الحزبية وتنميتها، وخلق مناخ ديمقراطي حقيقي، يتجلى في طرح الرؤى السياسية والحزبية وتبنيها، ودعم الجماهير للانحيازات الأيديولوجية التي تحقق مصالحها، لتعبر البلاد تلك المرحلة الانتقالية التي طالت كثيراً وحان الوقت لتسقر على أسس ديمقراطية من التعددية والتنوع.

بوضوحٍ شديد، وبعد تجربة الحكومة السابقة والتي سبقتها، اعتماداً على وزراء التكنوقراط، ربما حان الوقت لتشكيل حكومة سياسيين، لديهم القدرة على فهم الواقع المجتمعي بشكل أعمق، وقراءة المشهد واستيعاب تعقيدات وظروف المرحلة داخلياً وخارجياً، ليكونوا قادرين على النهوض بالمجتمع، وتجنب المزيد من الأخطاء، واستعادة الثقة بين الشعب وحكومته، ويكفي ما عاناه هذا المجتمع من حكومات التكنوقراط التي كانت حكومات من الموظفين معيارهم الأهم هو الولاء والثقة بين الرئيس وأعضاء الحكومة.

عبد العزيز الشناوي

رئيس المكتب السياسي لحزب العدل

٥ يونيو ٢٠٢٤

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة