كانت ميادين مصر تعج بالملايين من الشعب المصرى،كنت فى ميدان التحرير،نترقب لحظة الخلاص،وفى هذا اليوم قررنا الزحف الى الإتحادية،يجب أن يرحل مبارك.
مبارك الذى أخطأ فى مواجهة الإنتقادات طوال فترة حكمه،وترك قبضتة الأمنية تواجة احتجاجات وتطلعات الشباب،وأهان القوى السياسية عندما قال خليهم يتسلوا، مبارك انتهى وقته،وكلما مر الوقت كلما ازداد التصعيد وازدحمت الميادين، وبعد ثمانية عشر يوما من المظاهرات المليونية، والإعتصامات، على أمل بزوغ فجرا جديد، حتى خرج علينا عمر سليمان بخطاب تنحى مبارك، ساد الصمت فى بداية ظهورة، وكأن الميدان ليس بة مخلوق، ونحن فى لحظة ترقب،حتى قال 🙁 أيها المواطنون في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، والله الموفق والمستعان).
هنا ضج الميدان بالهتاف فى لحظات لن تنسى من ذاكرة المصريين،ومن هتفوا فى الميادين عيش، حرية، كرامة انسانية، ووسط دموع الفرح والإبتهاج غير مصدقين،أخير رحل مبارك، لقد نجحت ثورتهم ،ولم تذهب دماء شهدائهم عبثا، اليوم مبارك خارج السلطة، بعد ثلاثين عاما من القهر والفقر والمرض، وتزوير الإنتخابات، ومحاولة توريث السلطة لإبنه، وترهل الدولة على يديه، لقد رحل مبارك.
لم تكن تشغلنا كواليس الرحيل، ومادار فى الغرف المغلقة،كل ما كان سيدور فى العقول أن يرحل رأس السلطة،ولم يتم تدارك ما بعد الرحيل .
فى صباح تانى يوم للرحيل كنت مازلت فى ميدان التحرير،عندما قامت مجموعة من الشباب بنظافتة،وانضم اليهم الكثير ،لنتركه نظيفا كما كان ،ولم نعلم أننا سنعود اليه مرة اخرى بتلك السرعة .
لكن يحسب لمبارك وبكل أمانه محاولتة ان يكون انتقال السلطة دستوريا وقانونيا،وانة لم يترك البلاد ويهرب مثل الرئيس التونسى .
كنت اعتبر خطاب مبارك الاخير والذى استعطف فيها قلوب المصريين ،فخرج منهم يؤيد بقائة لاخر مدته، وتمسك الكثيرون بضرورة رحيلة،كنت اعتبرهذا النداء الأخير من مبارك روشتة نجاة فى الفترة القادمة بعد تعهده بعدم تمسكة بالسلطة، وتفويض صلاحياته الى عمر سليمان نائبا له، او احمد شفيق رئيسا للحكومة، وانة سيموت على ارض الوطن،وسيحاسب المخطىء والمتسبب فى قتل شهدائنا من الشباب،وامام اصرار الشباب على ضرورة الرحيل ورفض الخطاب، خضع واستجاب لصوت الهدير من الشباب،وانصاع لصوت العقل حفاظا على وحده الأمة.
لذا فتنحى مبارك يحسب له،فلم تدخل البلاد فى دائرة من الصراع، وتمسك الجيش بانحيازه للشعب يدل على وطنية الجيش المصرى وان الجيش جيش الشعب وليس الحاكم، ولم ننزلق فى فخ سوريا أو ليبيا واليمن ،وهتف المصريين الشعب والجيش ايد واحدة.
واتذكر يوم ذهبت الى متحف أكتوبر بالسويس 2016، ولم اجد صورة مبارك بين قادة حرب أكتوبر ،ورؤساء مصر، وطلبت من المسؤول بالمتحف أن التاريخ يجب أن يحترم فمبارك برغم كل أخفاقاتة، كان من قوات الجيش المصرى، وقائد للقوات الجوية أثناء حرب أكتوبر،ومن بعدها نائبا لرئيس الجمهورية، وانه ظل رئيسا لمصر لمدة ثلاثين عاما فالتاريخ لا يطوى صفحاته لإخفاق ولا يكتب فقط لإنجاز .
وقد سردنا ذلك فى مقال سابق بعنوان نهاية دولة يناير سبب اخفاق الثورة المصرية فى 2011 ،بعد ان طالت الأمانى والأحلام للمصريين عنان السماء،وتخيلوا ان بعد تنحى مبارك ستمطر السماء ذهبا ،وتنهض الدولة وترتقى من تلقاء نفسها .
فسوء حال البلاد نتيجة الصراع على السلطة، فهناك جماعة منظمة استطاعت ان تنقض على المشهد،ورجال دولة مبارك بدولتة العميقة،وشباب تناحر وانقسم بعد ثمانية عشر يوما من الإتحاد والقوة ، ومجلس عسكرى مضطرب يتجاوز القانون لإرضاء المحتجين .
وأنا لا أحمل ثورة يناير ما وصلت الية البلاد من حالة تردى ووهن، او كما قال الرئيس السيسى اننا كنا نعيش فى شبة دولة، وان الثورة بريئة من هذا الإخفاق انما ماحدث بعد التنحى من أحداث لم نكن طرفا فيه وحدنا نحن الشباب، انما كل الأحداث مجتمعة وهذا ما وضحناة سابقا وبالتفصيل، انما الثورة بريئة،وشبابها الذى تغنى به العالم وقادته ءوقالوا عنهم انهم الرائعون ، بسلميتهم وصدورهم العارية واجهوا جحافل نظام مبارك، وقدموا شهداء ومصابيين ومازالوا البعض يدفعون فاتورة مشاركته فى الثورة حتى الان، واننا من صححنا الوضع فى 30 يونيو واعادنا الدولة المصرية للمصريين ،وعاد الشعب فى كنف درعها وسيفها
وستظل 25 يناير بالنسبة لى شخصيا الحلم الذى صار واقعا،وكسرت حاجز الخوف والصمت،وسيظل يوم التنحى ذكرى رائعة لن ننساها،يوم ان هتفنا الشعب أسقط النظام.
حفظ الله مصر وحفظ أبنائها للعمل على رقيها وتقدمها وأمنها وأمانها