تمر السنوات ومازالت ثورة 25 يناير محفورة فى الذاكرة ،بكل تفاصيلها، بكل أيامها،ولحظاتها،انتصارتها،واخفاقاتها،بشبابها الرائع،الذى تغنى به العالم اجمع،بسلميته،خرج ليواجه الرصاص والغاز ،ويكسر حاجز الخوف والصمت،ويصرخ بأعلى صوتة عيش حرية كرامة انسانية.
انتفض الشباب وتلاحم الشعب بكل فئاته مع انتفاضته، اعتراضا على تجاوزات الداخلية، وانتهاكها حرية المواطن، وامتهان كرامته، والقمع الذى يمارسة نظام مبارك،ومقتل الشاب خالد سعيد ،وتفجير كنيسة القديسين ،وبعدها مقتل الشاب سيد بلال،و سوء الأوضاع على كافة المستويات ،سواء كانت اقتصادية او اجتماعية وثقافية وسياسية .
انتفض ضد الفساد ،والظلم وتقييد الحريات، وتزوير انتخابات 2010 بشكل فج،وتفشى الظلم والقمع والفقر والمرض وسط قلة قليلة استحوذت على خيرات مصر وثرواتها.
ومن حسن حظنا ان تجاهل النظام كل صيحات الغضب وقال مقولته المشهورة خليهم يتسلوا، وكانت بداية الشرارة على مواقع التواصل الإجتماعى بصفحة كلنا خالد سعيد،وكانت ثورة الياسمين محفز كبير عندما صرخ التونسيون بن على هرب ،لقد سقط بن على وهتفنا ثورة فى تونس بكرة فى مصر وقد كان،ومع تخاذل النظام،صرخنا الشعب يريد اسقاط النظام .
مع العلم أن الدعوات فى بدايتها كانت تطالب بالتجمع فقط من أجل إظهار الاحتجاج على بعض السياسات الاجتماعية والأمنية لنظام الحكم وحصرت مطالبها في تحسين الأوضاع المعيشية ومعالجة مشكلات البطالة للشباب، وكبح الممارسات العنيفة التي تنتهجها الشرطة ضد المواطنين .
نزل الشباب البعض يحمل الورود ويقدم لهم التهنئة للشرطة فى عيدهم،ايمانا بأن التجاوزات من البعض، لكن للأسف تطورت الأحداث وقوبلت الدعوات بالعنف وحدثت مصادمات بين الشرطة والمتظاهرين خاصة في يوم 28 يناير جمعه الغضب ، وبعد انسحاب الشرطة من الشارع ونزول الجيش محلها سارت الاحداث في اتجاه مختلف،حتى كان المطالبة بسقوط النظام .
وسنظل نحن الشباب فخورين بمشاركتنا ثورة يناير وسنحكى لأولادنا، أننا كسرنا حاجز الخوف، وقتلنا الصمت داخلنا، وصرخنا صرخة الغضب فى وجة النظام حتى اجبر على الرحيل .
أشعر بالفخر بإنتمائى لثورة يناير ،وسأظل احمل لها الكثير من الفضل ،فقد كتبت لى شخصيا ميلاد جديد،وحلم ظل يراودنى كثيرا،عشته حقيقة وواقع ،لم ادرك أننا فعلناها ،كنت أسير فى ميدان التحرير أنظر الى الوجوة ،أخير جاء الناس للميدان،كنت اسلم علىهم حمدلله على السلامة،لقد عادت مصر واستيقظ أبنائها وشعبها.
لن أنسى يوم ان طلبت من زوجتى يوم 29 يناير ان تصطحب أولادى معها وهى قادمة الينا فى الميدان،رغم خوفها لكننى طمأنتها ان الميدان آمن،يجب ان يقسم أولادى وهم صغار انهم كانوا هنا،فالتاريخ سيكتب من هنا،فخور بجيلى ورفاقى من شباب الثورة فقد صنعنا ثورة ستعيش الى أخر الزمان نحكى عنها حكايات لا تنضب.
كما اتمنى ان يتم التصالح مع شبابها القابع خلف القضبان لرأية،فلم نكن مخربين انما دفعنا حب الوطن وأمنياتنا بريادته ورفعته،فمصر قوية بشبابها،ناهضة بكل أبنائها المخلصين.
قد تكون الثورة أخفقت فى تحقيق اهدافها لأسباب كثيرة،أفردنا لها سابقا مقالة كاملة عن أسباب الإخفاق، لكن الأهم فى ثورة 25 يناير هو استعادة الشعب وعيه،ومصيره ،وارادته،لذا عندما اختطفت الثورة من جماعة الإخوان الإرهابية،استطاع المصريين الخروج مرة اخرى لتصحيح مسارها،واسترداد مصر ،وهويتها الى المصريين ،ولفظ جماعة لا تؤمن بوطن ولا أرض ولا شعب .
هناك من يهاجم شباب يناير وثورتهم ،مع انهم دفعوا من دمائهم وارواحهم وقدموا شهداء،ومصابين مع سلميتهم،واعترافت الدولة نفسها التى هاجمتها أحيانا بأنها السبب فى تقويض الدولة ،واننا فى طياتها أصبحنا شبة دولة ،وهذا للأسف ما لم يحدث فقد تم اختطاف الثورة من جماعة منظمة ارغمت الجميع على الإنصياع لها بغطرستها وارهابهم،عام كامل من حكمهم فى حالة من التردى والوهن للوطن،واعوام فى مواجه مع ارهابهم ، ونفس الشباب هم من انتفضوا وتمردوا فى 30 يونيو لعيدوا مصر للمصريين .
ومع اننا فى يناير كانت ثورتنا من أسبابها تجاوزات الشرطة، فلا نستطيع ان نبخث لهم تضحياتهم فى الإسماعيلية عام 1952وبطولاتهم التى خلدها التاريخ ،وما قدموه من شهداء فى حرب مصر ضد الإرهاب،وانهم العيون الساهرة لحماية الوطن والمواطنيين،وصمام امنه الداخلى،فقد كانوا جنبا الى جنب مع الشعب فى ثورة يونيو ضد من اختطف البلاد وزرع الفتن وسعى للخراب والدمار ومارس الإرهاب .ففى عيدهم نقدم لهم التحية.
وسيظل 25 يناير يوم ساطع فى تاريخ مصر يحكى بطولات أبنائة سواء عام 1952 او عام 2011 حتى ثورة يونيو ،مع العلم ان حالة الجدل ستظل بين بعض المصريين قائمة ،فهناك من يرى أن 25 يناير هو يوم احتفال بعيد الشرطة المصرية ،ويقصى ثورة يناير والعكس ولكن يبقى التاريخ شاهد عيان على بطولة شعب وتضحيات أبنائة.
فقد شهدت ديباجة الدستور الإشادة بثورة يناير ويونيو،فتحية لكل شباب يناير الرائعون الذى تغنى بسلميتهم كل العالم اجمع ،فلم نكن مموليين ولا عملاء ولم نسعى لتقويض الدولة ولا ارهاقها ،انما كان هدفنا نبيل نسعى لدولة قوية ناهضة متقدمة،وما حدث من اختطاف للثورة وخروجها عن مسارها،فنحمد الله ان تم تصحسح مسارها فى 30 يونيو لنسعى الى جمهوريتنا الجديدة.
وايمانا بكل روح شهيد من شهداء ثورة يناير،ولكل شهداء الشرطة والجيش على روحهم السلام والمجد لهم ،وتمنياتنا بالشفاء لكل مصاب من أبناء الوطن،كل عام وانتم بخير،كل لحظة ومصر أمنه ،كل لحظة وأبناء مصر فى رباط وتلاحم لحمايتها ولصنع نهضتها .
وفى ظل جمهوريتنا الجديدة نعاهد الله ان نظل فى ترابط وتلاحم لنتخطى العقبات وبسواعدنا نكتب تاريخ جمهوريتنا الرائدة الناهضة .
حفظ الله الوطن ودرعه وسيفة ومواطنيه فى رباط الى يوم الدين.
عبدالغنى الحايس
نائب رئيس حزب العدل للتواصل السياسى
عضو المكتب السياسى