بدايةً، أود أن أوجه التهاني إلى المهندس كريم بدوي بمناسبة تعيينه وزيرًا للبترول والثروة المعدنية، ونتمنى له النجاح في مهمته الجديدة، ولفهم المطلوب من وزير البترول الجديد، يجب علينا أولاً توضيح دور وزارة البترول والثروة المعدنية والذي يشمل تطوير خطط شاملة تتماشى مع رؤية مصر 2030 لتعزيز الإنتاج والاستهلاك وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية،تشمل مهامها تنظيم عمليات التنقيب والتكرير والتوزيع، وضمان سلامة المنشآت وجودة المنتجات، بالإضافة إلى توفير مناخ استثماري جاذب والمشاركة في المؤتمرات الدولية للترويج لفرص الاستثمار، تلتزم بتطبيق معايير دولية لحماية البيئة، تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وتطوير تقنيات صديقة للبيئة، وتعمل على تعزيز التعاون مع الدول الأخرى وتبادل الخبرات لضمان أمن الطاقة واستقرار أسواق النفط والغاز العالمي.
وفقًا لبيانات عام 2022/2023، يساهم قطاع البترول بنسبة 8% في الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت صادرات الغاز الطبيعي حوالي 2.5 مليار دولار من إجمالي الصادرات البترولية المقدرة بـ 8 مليارات دولار، كما شهد القطاع استثمارات ضخمة بقيمة تريليون و455 مليون جنيه منذ عام 2014/2015 وحتى ديسمبر 2023، مما يعزز الاقتصاد الوطني ويوفر فرص عمل ويحسن البنية التحتية.
تعزيز قطاع البترول والثروة المعدنية يتطلب التعاون مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين. تبادل الخبرات مع الشركات العالمية يسهم في تحقيق الأهداف المشتركة ويعزز كفاءة القطاع، بالإضافة إلى ذلك، من الضروري تسريع تنمية الاكتشافات الجديدة وتكثيف عمليات البحث والاستكشاف لتحقيق اكتشافات تضيف إلى احتياطيات مصر من الطاقة.
من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن تحقيق تقدم كبير في قطاع البترول والثروة المعدنية، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وضمان مستقبل مستدام للطاقة في مصر.
بعد التعرف على دور الوزارة نستطيع تحديد ماذا نريد من وزير البترول الجديد بعد استلام مهامه أو ما نتمنى أن ينفذه، وقد تم تلخيص ذلك في عدة مقترحات لتعزيز قطاع البترول والثروة المعدنية:
- تعزيز مشروعات الصناعات البتروكيماوية
زيادة مشروعات الصناعات البتروكيماوية بالتعاون بين الدولة والقطاع الخاص والشركات الأجنبية. يمكن تحقيق ذلك من خلال وضع خطط تتضمن تسهيلات في تكاليف الأرض والعمالة وسعر الطاقة، مما يشجع المستثمرين على اختيار مصر كوجهة للاستثمار بدلاً من دول أخرى.
- تحسين كفاءة استخدام الطاقة
● إنشاء هيئة لترشيد الطاقة وتقليل الهدر الناتج عن تهالك المعدات في شركات قطاع البترول. سيساهم هذا في تقليل استهلاك الدولة من الطاقة وبالتالي تخفيض فاتورة استيراد المنتجات البترولية.
● تعاقد مع شركة متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع وزارة الكهرباء، لتقليل الأحمال بشكل دقيق مما يجعل قطع الكهرباء في الظروف الاستثنائية لا يؤثر على معيشة المواطن.
● إطلاق شركة متخصصة لعمل دراسة بمعدل استهلاك كافة قطاعات الدولة بالتعاون مع وزارة الكهرباء، تشمل استهلاك المنازل والمؤسسات الحكومية والخاصة والشركات والمصانع، والعمل على تقليل استهلاك كل قطاع على حدة مما يقلل استهلاك تلك القطاعات بنحو أكثر من 30%.
- خطط استيراد الخام
- مراجعة خطط الوزارة في استيراد شحنات الزيت الخام والتأكد من مطابقتها لمواصفات مصافي التكرير المصرية، وذلك للحفاظ على استدامة هذه المصافي وتقليل المشاكل التشغيلية الناجمة عن سوء جودة الخام.
- تطوير مصافي التكرير
- تحديث التقرير الشامل الخاص بـ مصافي التكرير المصرية ودراسة فرص تحويلها للصناعات البتروكيماوية في حالة توافر الاكتفاء الذاتي من منتجات الوقود. ستكون دراسة مستقبلية لها أبعاد اقتصادية عالية القيمة.
- آلية تسعير منتجات الوقود
- مراجعة آلية التسعير الخاصة بمنتجات الوقود وإيجاد طريقة فعالة لوصول دعم الوقود لمستحقيه من خلال نظام الكروت الذكية المرتبطة بملف خاص لكل مواطن.
- تطبيقات التحول الرقمي
- زيادة تطبيقات التحول الرقمي داخل قطاعات البترول والتعدين، وعمل قوائم تتبعية بكافة الأنشطة مما يسهل متابعة تطور تلك القطاعات وسرعة كشف السلبيات ومعالجتها.
- إشراك الشباب في صنع القرار
- إتاحة الفرصة لشباب قطاع البترول في صنع القرار وتقديم المقترحات وتولي المناصب القيادية، مما يسهم في خلق روح شابة في القطاع تثمر عن أفكار غير تقليدية تساهم في تنمية قطاع الطاقة في مصر.
نثمن قرار السيد الوزير بإنهاء عمل مستشارين الوزارة فوق الـ60 عامًا ونؤكد أن شباب مصر شباب واعد وهذا يتماشى مع رؤية الحزب لتمكين الشباب، حيث أن العقول الشابة داخل القطاع لديها قدرة على استيعاب كافة أعمال وأعباء الوزارة، ومن أهم خطوات البناء هي الاعتماد على فريق عمل من الكفاءات بعيدًا عن سياسة الرجل الأوحد الذي ليس له بديل.
- توطين صناعة الهيدروجين الأخضر
- توطين صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر من خلال خلق بيئة تفاعلية بين رواد هذه الصناعة من الدول المتقدمة ومصر، مما يؤهل العديد من الكفاءات في هذه الصناعة الواعدة.
- تعزيز التعاون الدولي
● تعزيز التأثير من خلال التعاون الدولي وتبادل أفضل الممارسات في قطاع الطاقة، يمكن تطوير بنك بيانات لأفضل الممارسات العالمية في تصميم وتنفيذ سياسات الطاقة النظيفة.
● تسويق الاستثمارات في قطاع البترول من خلال خطة تسويقية للاستفادة من تواجد عدد كبير من المصريين بالخارج لعرض استثمارات في قطاع البترول مثل التعاقد على شراء أو إيجار محطات البنزين مما يساهم في زيادة العملة الصعبة.
- استراتيجيات إضافية لتعزيز القطاع
● إنشاء وحدة لتعزيز ومراقبة المخزون الاستراتيجي من النفط تتبع رئاسة مجلس الوزراء بشكل مباشر.
● دراسة إنشاء وحدة تغييز ومدى جدوى امتلاكها بدلًا من إيجارها في فترات الاحتياج للغاز الطبيعي.
● عمل تقرير كامل بحجم المديونيات لصالح الشركات الأجنبية وعمل خطة واضحة للتسديد وعرض فرص استثمار جذابة لتلك الشركات لتبديل تلك المديونيات.
● استكمال العمل على ملف تشغيل السيارات بالغاز الطبيعي ودراسة تطويره وزيادة عدد محطات الغاز الطبيعي في محافظات مصر.
● زيادة العمل على ملف السيارات الكهربائية مع الوزارات المعنية والتكامل بينهم في توطين صناعة السيارات الكهربائية ودعمها بكافة التسهيلات لما لها من تأثير فعال في تقليل واردات منتجات الوقود.
● تحديث دراسة انبعاثات الكربون الناتجة عن كافة الصناعات والعمل على دراسة كاملة لتقليل تلك الانبعاثات بقدر الإمكان.
● تحويل هيئة الثروة المعدنية لهيئة اقتصادية منفصلة بخطة مستقبلية غرضها تنمية هذا القطاع الهام وتطويره بعيدًا عن ميزانية قطاع البترول.
● إطلاق منتدى إقليمي في مجال التعدين لجذب استثمارات عالمية وزيادة التسويق لحجم موارد مصر من المعادن النفيسة.
● إدخال صناعة العامل الحفاز Catalyst في مصر بالتعاون مع الشركات العالمية المصنعة، خاصة بعد زيادة استهلاك مصافي التكرير ومصانع البتروكيماويات لكميات كبرى، مما يسهل عملية النقل والتوزيع ويدخل استثمارات ضخمة للسوق المصري.
● إطلاق مؤتمر/منتدى سنوي دولي لصناعة وتداول الهيدروجين الأخضر ومشتقاته لتكون منصة دولية من أجل تبادل المعرفة واستحداث أسواق جديدة للعمل في تلك الصناعة الواعدة.
● إنشاء أول شركة هندسية مصرية متخصصة في تصميم وتنفيذ مشروعات إنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر.
● إنشاء مجمع بتروكيمياويات بالتعاون مع دول الخليج في سيناء مع تقديم تسهيلات جادة تشجع الاستثمار، مع تحديث الاستراتيجية الوطنية للبتروكيماويات.
● تطوير العاملين بقطاع الثروة المعدنية عن طريق برامج تدريبية متخصصة تجعلهم قادرين على التفاوض مع الشركات الأجنبية في بنود وتفاصيل العمليات التنقيبية والاستخراجية مما يزيد من حجم الاستفادة الفعلية للدولة المصرية من قطاع التعدين.
● زيادة مشاركة هيئة الثروة المعدنية في المؤتمرات العالمية بفريق عمل محترف يعمل على جذب استثمارات خارجية لقطاع التعدين المصري الواعد.
● إطلاق وحدة رصد وبحث في هيئة الثروة المعدنية لتجميع كافة المعلومات الخاصة بحجم الثروات المعدنية وتحويل تلك البيانات لخطط تسويقية ودراسات جدوى تشجع المستثمرين على ضخ استثمارات ضخمة في قطاع التعدين المصري.
● التواصل الدوري مع سفاراتنا في دول العالم بالتعاون مع وزارة الخارجية لتقديم تقارير عن قطاع الطاقة في كل دولة والدروس المستفادة لتطوير قطاع البترول المصري بدون تكلفة سفر أفراد القطاع خارج مصر.
● الاستفادة من الموارد البشرية للقطاع وعمل شركة متخصصة لتسويق العاملين بقطاع البترول خارج مصر بعقود تستفيد منها الدولة المصرية مما يخلق مصدرًا للعملة الصعبة ويزيد من فرص العمل لحديثي التخرج.
● استخدام الحوار الاجتماعي والمشاركة القوية لأصحاب المصلحة وتنسيق السياسات لتحقيق نتائج أفضل، حيث أن الحوار الاجتماعي مع النقابات وأصحاب العمل والحكومة بالإضافة إلى المشاركة القوية لأصحاب المصلحة يبني الدعم العام، ويدمج وجهات النظر المحلية، ويدعو إلى أفكار مبتكرة من مختلف أصحاب المصلحة، ويساعد على خلق خطط مستدامة ومناسبة ثقافياً وقابلة للتنفيذ.
● إشراك الجمهور من خلال المشاركة والتواصل، حيث أن الحصول على دعم شعبي واسع النطاق في بداية تصميم السياسات سيلعب دوراً حاسماً في تسريع التنفيذ الناجح لسياسات الطاقة النظيفة، سواء من حيث الدعم السياسي الشامل أو من حيث بناء القبول المحلي للتطورات أو البنية التحتية الجديدة.
● استخدام الرؤى من العلوم السلوكية لتصميم سياسات فعالة لتغيير السلوك، حيث أن العديد من جوانب التحولات في مجال الطاقة النظيفة تعتمد على السلوك ؛ كيف يستخدم الناس الطاقة في حياتهم اليومية، وما هي الأجهزة التي يختارون شرائها، وكيف تختار الشركات الاستثمار وكيف يختار الموظفون التصرف. تشير الأدلة إلى أن السياسات جيدة التصميم، والمستنيرة بالعلوم السلوكية، يمكن أن تطلق إمكانات هائلة للاستهلاك المسؤول للطاقة.
يعد قطاع البترول والثروة المعدنية المصري محركاً رئيسياً لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. تتطلب المرحلة القادمة تبني استراتيجيات شاملة تتضمن تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، تطبيق التحول الرقمي، وتحقيق كفاءة الطاقة. إن تنفيذ هذه التوصيات سيعزز من قدرة مصر على جذب الاستثمارات، وزيادة كفاءة القطاع، وتحقيق التنمية المستدامة. بات من الضروري الآن، أكثر من أي وقت مضى، أن نركز على تحديث هذه الصناعة الحيوية لتكون قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية ودفع عجلة النمو الاقتصادي.
م/ محمد عطيه أمين سر وحدة السياسات الإنتاجية واللوجستيةحزب العدل