شهد ملف الغاز بين مصر وإسرائيل خلال العقدين الماضيين تحولات كبيرة تعكس تطورات في المشهدين الإقليمي والاقتصادي. ففي عام 2005 بدأت مصر تصدير الغاز إلى إسرائيل عبر خط العريش–عسقلان، بموجب اتفاق أثار نقاشًا واسعًا، لكنه توقف عام 2012 بسبب الأوضاع الأمنية والاضطرابات بعد عام 2011، إضافة إلى تكرار الهجمات على خط الأنابيب.
لاحقًا، ومع اكتشاف إسرائيل لحقول غاز بحرية كبرى مثل “ليفياثان” و”تمار”، تغيّر الوضع، وبدأت مصر منذ 2020 استيراد الغاز الإسرائيلي لتلبية الطلب المحلي وكذلك لإعادة التصدير من خلال محطتي الإسالة في إدكو ودمياط. وفي عام 2018، وُقّعت اتفاقية بين شركة “دولفينوس” المصرية وتحالف شركات إسرائيلية لمدة عشر سنوات بقيمة 15 مليار دولار، وتم تعديلها عام 2022 لزيادة الكميات ومدّ الأجل حتى نحو عام 2040.
محطات رئيسية في العلاقة الغازية بين مصر وإسرائيل:
• 2005: بدء تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل.
• 2011: تكرار تفجيرات خط الأنابيب وتعطيل الإمدادات.
• 2012: وقف تصدير الغاز المصري.
• 2015: اكتشاف حقل “ظُهر” العملاق في مصر.
• 2018: توقيع اتفاقية استيراد الغاز من إسرائيل.
• 2020: بدء تدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر.
• 2025: تعديل الاتفاقية لزيادة الكميات وتمديد المدة.
رغم أن اكتشاف حقل “ظُهر” عام 2015 أعطى مصر دفعة قوية على طريق التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، فإن التراجع في الإنتاج المحلي خلال السنوات الأخيرة — من أكثر من 7 مليارات قدم مكعب يوميًا إلى أقل من 3.5 مليار — بالتوازي مع زيادة الاستهلاك المحلي، خاصة من محطات الكهرباء والصناعات الثقيلة، أدى إلى فجوة في الإمدادات. هذه الفجوة استدعت البحث عن حلول سريعة لتأمين الكميات المطلوبة، فجاء الغاز الإسرائيلي كأحد الخيارات المتاحة لتغطية هذا العجز.
ومع أن هذا التوجه يحقق قدرًا من الاستقرار للإمدادات على المدى القصير، إلا أن الاعتماد على مورد رئيسي واحد — خاصة في منطقة تشهد توترات سياسية وأمنية — قد يحمل مخاطر مستقبلية. وقد أظهرت بعض الانقطاعات المؤقتة في الإمدادات خلال أزمات سابقة أهمية تنويع مصادر التوريد وعدم ربط أمن الطاقة بعقود طويلة الأجل في بيئات غير مستقرة.
نحو استراتيجية أكثر توازنًا
ضمان أمن الطاقة في مصر يتطلب رؤية متكاملة تشمل:
• ترشيد الاستهلاك وتحسين كفاءة الطاقة للحد من الضغوط على الشبكة.
• تسريع وتيرة الاستكشاف والإنتاج المحلي من خلال تقديم حوافز تنافسية لجذب الاستثمارات.
• تنويع واردات الغاز المسال من أسواق متعددة بعقود قصيرة ومرنة.
• تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، وهي مجالات تمتلك مصر فيها إمكانات كبيرة.
كما أن تطوير استراتيجية “مصر كمركز إقليمي للطاقة” يجب أن يتم ضمن إطار شامل يوازن بين المصالح الاقتصادية والاعتبارات الاستراتيجية، مع ضمان مرونة كافية في إدارة العلاقات والشراكات بما يخدم المصلحة الوطنية. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل#رأي_العدل
