لام شمسية

سعاد محمد تكتب:

يستيقظ في يوم مشرق تسطع فيه الشمس محملة بدعاء الأمهات وأماني الأطفال بيوم سعيد، تجهز الأم طفلها وتحضر له طعامه وتلبسه ملابسه المهندمة والمعطرة وتصطحبه إلى المكان الآمن من وجهة نظرها، تصطحبه بيدها لمدرسته من أجل أن يتعلم ويلعب مع أصدقائه، وهي كلها ثقة في المكان ومن فيه وأنهم على قدرة كاملة على حمايته من أي خطر قد يتعرض له، يذهب الطفل وكله سعادة في أنه يتعلم ويكون صداقات جديدة مع أطفال مثله ويتعلم أشياء جديدة، وفي يوم مثل أشباهه من الأيام، يُشَد الطفل من ذراعه بواسطة إحدى المربيات ولا يعلم لماذا ولا إلى أين يُقتَاد كما يقتاد الطائر إلى المذبح، لا يعلم ماذا يحدث ولا بأئ ذنب حدث، لا يعلم إلا الألم والرعب والهلع الذي يلم به. رعب يجعل أنفاسه تنقطع ودقات قلبه تكاد أن تتوقف من الخوف. وكأن العالم قد توقف وكأن الزمن قد توقف في هذه اللحظة. لحظة ذبحه. ولا يكتفي الفاعل بهذا بل ويزيد عليه إرهابه وتهديده بالقتل هو وأهله إن أخبر أحدا بما ألم به. فتخيل أن تُذبح ولا يمكنك حتى أن تستغيث!

ولكن الكابوس لم ينتهي عند هذا اليوم، بل استمر واستمر أيام من الرعب والهلع والأذى النفسي والبدني الذي لا يتحمله بشر، وكأن الجاني قد فقد ضميره وروحه وتحول إلى شيطان لا يهمه ما يتسبب فيه من أذى لمن حوله، متخذا له زبانيه يعاونوه في أفعاله الدنيئة والمشينة والمذمومة، سواء بأن يعاونوه بإحضار الضحايا له أو بالتستر عليه وعلى جرائمه، من دون أن يستيقظ ضميرهم للحظة عما يشاركون فيه، ومن دون أن يتخيلوا ولو للحظة أن الضحية يمكن أن يكون أحد أولادهم، وكأن فطرتهم الإنسانية قد مُحيَت، بل حتى الفطرة الحيوانية لا تقبل بما كانوا يشاركون فيه ويتستروا عليه! فلا توجد أية فطرة أو دين أو ضمير يقبل بهذا. وكأن أرواحهم قد حُرقت وأصبحوا شياطين بدون روح.

ما سبق كان مجرد سرد تخيلي لما تم تداوله عن حادثة شغلت الرأي العام وتناقلتها الصحف بتفاصيلها التي أفجعت كل من في قلبه مثقال ذرة من إنسانية.

إن ما تعرض له هذا الطفل وغيره سيظل يطاردهم ما بقي من حياتهم متسبب بأذى نفسي وبدني قد يدفع بعضهم إلى ميول عدوانية أو شاذة إذا لم يُعالج بالشكل الصحيح.

وهذه لست الحادثة الأولى من نوعها، فكثير ما نشهد حوادث مشابهة، يكون المجرم فيها من الأقارب أو المعارف أو حتى الأهل. حوادث عند كشف النقاب عن تفاصيلها تصيب المجتمع بالاشمئزاز لمخالفتها الطبيعة البشرية والفطرة السليمة، يكون ضحاياها أطفال، إما على علم بالجاني باعتباره من المقربين لهم أو لا يعلمون عنه شيئا ولكنهم أضعف من أن يدافعوا عن أنفسهم، ليعيشوا لحظات من الهلع والرعب والعجز، وطالما لم يوجِد المشرع العقوبة الرادعة التي تماثل الجرم المرتكب؛ سنظل نسمع عن تلك الحوادث، وسيظل تكرارها محتمل، فمن أمن العقاب أساء الأدب!

عندما أوجد المشرع العقوبة للأفعال المجرمة، فإنها تكون رادعة للفاعل ورادعة للمجتمع، ولكل من تسول له نفسه اتيان مثل تلك الأفعال أو مجرد التفكير فيها، فمجرد حبس الجاني ليس بكافٍ في مثل هذه الحالات، فهو لم يضر فرد ناضج قادر على بالدفاع عن نفسه، بل إن دناءته دفعته لاستغلال أطفال لكي لا يقون حتى على الدفاع عن أنفسهم، ويستطيع هو إرهابهم، فلا يقون حتى على البوح.

إن تغليظ العقوبة لأقصى ما يبيح القانون وجعلها مساوية لعقوبة القتل هو الجزاء المتصور، فهو بالفعل يقتل. يقتل روح إنسان، ينزع منه برائته وإنسانيته، ويصيبه بجرح لن يندمل أبدا، بل قد يحول بفعله المجني عليهم إلى مجرمين محتملين، مما يؤدي إلى نشر الفساد في المجتمع وانهياره بالتبعية، بل وجعهلها على مرأى ومسمع من الجميع هو الحل الأمثل لتلك الجرائم، حتى تكون رادع لكل من تسول له نفسه أو يوسوس له شيطانه أن يأتي بمثل تلك الأفعال. فهو لا يدمر فرد بل أسرة كاملة والمجتمع بأسره، فالحد من حريته وحبسه لا رادع فيه، فبعد خروجه سيقوم بتكرار هذا الفعل من جديد. وإنما الحل أقصى عقوبة والتي تخلص المجتمع منه بشكل كُلي حتى يستطيع المجتمع أن يأمن شره هو وغيره.

ويجب توفير التوعية في شتى الوسائل والأماكن، وأن يتم تغيير الفكر الذي يرهب المجني عليهم من الإبلاغ عن تلك الحوادث بدافع من الخوف من الفضيحة، وعمل مبادرات بمشاركة المجتمع المدني لنشر الوعي، وتحالف قوى المجتمع من أجل التصدي لتلك الظاهرة.

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏أقلام عدلاي سعاد محمد محمد تكتب: لام شمسية عضو أمانة المواطنة بحزب العدل foxo eladlparty.com حزب العدل‏'‏‏

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة