علي أبوحميد يكتب:
منذ أكثر من قرن، يحاول الخطاب الصهيوني إقناع العالم بأن فلسطين “أرض الميعاد”، وأن لليهود “حقًا تاريخيًا” فيها. لكن ماذا تقول الآثار؟ وماذا يخبرنا التاريخ الحقيقي غير المرويات الدينية؟ هذا المقال يحاول أن يوضح الصورة بعيدًا عن الروايات الدينية التي ثبت ضعفها، ومن خلال ما قدمته الحفريات والوثائق الأثرية.
أولاً: من هم سكان فلسطين الأصليون؟
قبل ظهور بني إسرائيل بزمن طويل، كانت أرض كنعان – وهي فلسطين التاريخية – مأهولة بشعوب سامية عريقة مثل:
الكنعانيين: أصحاب حضارة زراعية وتجارية قوية، عبدوا آلهة مثل “بعل” و”عشتروت”.
الفلستيين: جاؤوا من بحر إيجة، وسكنوا السواحل (منهم جاءت كلمة فلسطين).
الليبوسيين: سكان القدس الأصليين.
كل هذه الشعوب كانت موجودة في فلسطين قبل ظهور بني إسرائيل بقرون، ويؤكد ذلك الاكتشافات الأثرية في طبقات متعددة من مدن كنعانية قديمة.
ثانيًا: الرواية الدينية اليهودية… واهية الأساس
يعتمد الخطاب الديني الصهيوني على نصوص في التوراة تدّعي أن الله وعد إبراهيم ونسله بهذه الأرض. هذه الرواية تقول إن:
النبي يوسف دخل مصر.
بني إسرائيل استُعبدوا وخرجوا بقيادة موسى.
دخلوا أرض كنعان بقيادة يشوع بن نون بعد حروب طاحنة مع الكنعانيين.
لكن هذه الرواية الدينية لا تستند لأي دليل أثري، بل حتى داخل التوراة نفسها هناك تناقضات في الأحداث والتواريخ، ما يجعلها محل شك من كبار الباحثين اليهود أنفسهم.
ثالثًا: ماذا تقول الآثار والوثائق التاريخية؟
لا يوجد أي دليل أثري على وجود موسى أو الخروج من مصر بالشكل المذكور في التوراة.
لا توجد أي نقوش مصرية أو كنعانية أو آشورية تشير إلى دخول بني إسرائيل أرض كنعان عن طريق غزو منظم.
الوثائق المصرية (مثل مسلة مرنبتاح 1208 ق.م) تذكر اسم “إسرائيل” لأول مرة، كجماعة رعوية صغيرة في كنعان، وليس كشعب غازٍ أو محتل.
القدس لم تكن “مدينة داود” كما يدّعون، بل كانت مدينة يبوسية كنعانية قبل أن يظهر فيها أي وجود لبني إسرائيل.
الأنثروبولوجيا الوراثية تؤكد أن الفلسطينيين اليوم أقرب في جيناتهم للكنعانيين الأوائل من اليهود المعاصرين.
رابعًا: عشرات السنين من التنقيب الصهيوني… والنتيجة صفر
منذ احتلال القدس سنة 1967، بدأ الاحتلال الإسرائيلي حملات تنقيب هائلة تحت المسجد الأقصى وفي البلدة القديمة.
أنفقوا الملايين، واستقدموا فرق دولية للتنقيب عن أي دليل يثبت وجود “هيكل سليمان” أو آثار يهودية قديمة.
والنتيجة؟ لم يتم العثور على أي دليل أثري يؤكد روايتهم.
على العكس، كل ما عُثر عليه كان يؤكد وجود الحضارات الكنعانية، والبيزنطية، والرومانية، والإسلامية.
الحقيقة واضحة: فلسطين ليست “وعدًا إلهيًا” بل وطنًا تاريخيًا لشعوب عريقة سكنت الأرض
قبل ظهور أي فكرة دينية يهودية.
و الرؤية الإسلامية تؤكد زيف الادعاء الصهيوني
الإسلام لا يُقرّ بوجود “حق أبدي” لليهود في أرض فلسطين.
القرآن الكريم يذكر أن الله أورثهم الأرض لفترة محددة حين كانوا مستقيمين، ثم سُلبت منهم بسبب فسادهم وظلمهم:
> “وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا” (الإسراء: 4)
كما أن القرآن يشير إلى وجود شعوب سابقة في فلسطين مثل العمالقة والجبارين، وأن بني إسرائيل لم يكونوا السكان الأصليين بل دخلوا بعدهم
> “قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين” (المائدة: 22)
بالتالي، فإن الإسلام ينفي أي تفوق ديني أو عرقي لبني إسرائيل، ويؤكد أن الأرض لا تُملك بوعد مزعوم بل بالحق والعدل:
> “تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا” (القصص: 83)
بهذا يتضح أن الرواية الإسلامية لا تدعم الادعاء الصهيوني، بل تكشف زيفه وتؤكد زوال سلطانه بفساده.
ما لم تثبته الحفريات طوال عقود، لا يمكن لأي خطاب أن يصنعه من فراغ.
الحق التاريخي لا يُصنع بالتوراة ولا بالتزوير… بل بالحقيقة التي تنطق بها الأرض.
فلسطين بين الحقيقة التاريخية والزيف اليهودى : ماذا تقول الآثار؟
بقلم / علي أبوحميد
أمين العضوية المركزي
#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

كل التفاعلات:
٢٠Mai Mahmoud Selim، وحسين هريدي و١٨ شخصًا آخر