الرئيسيةمقالات العدلعلي ابو حميدعلي أبوحميد يكتب: إيران والضربات الخفية و حروب الجيل الخامس .. حين...

علي أبوحميد يكتب: إيران والضربات الخفية و حروب الجيل الخامس .. حين تصبح الجيوش القوية أهدافاً سهلة

ما يحدث اليوم في إيران ليس مجرد سلسلة من الحوادث المعزولة أو الاختراقات الأمنية العارضة، بل يبدو وكأنه بروفة مدروسة لحروب المستقبل، حيث لم تعد المعركة تُقاس بعدد الدبابات أو الطائرات، بل بمدى قدرتك على الاختراق، المفاجأة، والشلل الصامت.

إيران، بحسب مؤشر “Global Firepower”، تأتي في المرتبة الـ16 عالميًا، مباشرة بعد إسرائيل التي تحتل المرتبة الـ15. ورغم أن هذا التصنيف يُظهر قوة عسكرية معتبرة من حيث العتاد، إلا أنه لا يعكس الفارق الحقيقي على أرض الواقع.

فالعتاد وحده لا يصنع النصر.

في العقود الأخيرة، خرجت الحروب من إطار “الجيش أمام الجيش”، ودخلنا إلى مرحلة الصراع غير المتماثل، حيث تُدار المعارك بعقول الاستخبارات، وتقنيات الفضاء السيبراني، والطائرات بدون طيار، وأحيانًا بخلايا نائمة أو شرائح متصلة داخل أنظمة العدو نفسه.

إسرائيل، وعلى مدى سنوات، طورت نموذجًا متقدمًا من هذا النوع من الحروب، من خلال تفوقها في مجالات:

الاستخبارات الدقيقة (التي تصل أحيانًا داخل غرف اتخاذ القرار في الدول الخصم)،

الهجمات السيبرانية (كما حدث في استهداف منشآت نطنز النووية)،

والطائرات المسيّرة التي تُغير في العمق دون أن تترك أثرًا ملموسًا.

أما إيران، فرغم محاولاتها المتعددة لإثبات قدرتها على الرد أو الردع، إلا أن المشهد يبدو مختلاً لصالح الطرف الآخر. كل ضربة جديدة تكشف مدى هشاشة العمق الأمني الإيراني، وتؤكد أن امتلاكك عددًا كبيرًا من الجنود أو الطائرات، لا يعني شيئًا أمام شيفرة مبرمجة بدقة أو طائرة بدون طيار بحجم طائر زاجل.

القوة على الورق، كما تُظهرها مؤشرات العتاد العسكري، قد تبدو متقاربة بين دول كبرى مثل إيران وإسرائيل، أو حتى بعض دول الشرق الأوسط الأخرى. لكن الواقع الميداني يكشف أن التكنولوجيا هي الفيصل الحقيقي.

هذا هو الحال السائد حاليًا في أغلب دول المنطقة: مليارات تُنفق على شراء الدبابات والطائرات، بينما يتم تجاهل الاستثمار في البحث العلمي الدفاعي والهجومي، وهو ما يصنع الفارق في الحروب الحديثة.

النتيجة أن الجيوش تبدو ضخمة ومهيبة في العروض العسكرية، لكنها على أرض المعركة تفتقد القدرة على المواجهة غير التقليدية، لأن العدو اليوم لا يأتي عبر الحدود، بل يدخل عبر كابل، أو ملف إلكتروني، أو طائرة بلا طيار.

المؤسف في المشهد العربي تحديدًا، هو تحول هذه الأحداث إلى مادة للسخرية والتنكيت على وسائل التواصل، و في بعض الأحيان مقولة اضرب الظالمين بالظالمين و كان الامر غير مرتبط بنا بدلًا من أن تكون مادة للتأمل والتحليل.

وكأن المصير الإقليمي لم يعد يستدعي سوى ضحكة، رغم أن ذات السيناريوهات قد تُعاد في دول أخرى أقل حصانة.

المزاح والضحك، في غير موضعهما، يتحولان إلى مخدر للعقل الجمعي، ويُسهمان في تعميق الفجوة بين المواطن وبين فهم التهديدات الحقيقية.

و أخيرا و ليس اخرا

أهمية البحث العلمي في الحروب الحديثة

في عالم الحروب الحديثة، البحث العلمي لم يعد ترفًا بل ضرورة استراتيجية تفصل بين الانتصار والهزيمة. إسرائيل تقدم نموذجًا صارخًا لهذا التحول؛ إذ تنفق نسبة ضخمة من ميزانيتها على البحث والتطوير العسكري، إلى جانب أنها الأعلى عالميًا في نسبة الإنفاق على البحث العلمي المدني، والتي تصل إلى حوالي 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي.

في المقابل، العديد من دول الشرق الأوسط تنفق مليارات الدولارات سنويًا على شراء العتاد التقليدي من دبابات وطائرات، بينما تُهمل بشكل واضح الاستثمار في البحث العلمي الدفاعي والهجومي.

فعلى سبيل المثال، السعودية تُنفق أكثر من 70 مليار دولار سنويًا على الدفاع، لكن نصيب البحث العلمي من هذه الميزانية لا يزال محدودًا. أما مصر، ورغم امتلاكها قاعدة صناعية عسكرية، فإن الاستثمار في تطوير التقنيات الحربية والبحثي التكنولوجي لا يزال دون المستوى المطلوب لمواجهة تحديات حروب الجيل الخامس.

الفرق الجوهري لم يعد في عدد الطائرات والدبابات، بل في من يملك القدرة على تطوير طائرات مسيرة دقيقة، أنظمة حرب إلكترونية متقدمة، وهجمات سيبرانية موجهة.

وهذه القدرات لا تُشترى جاهزة، بل تُنتج داخل معامل البحث العلمي.

إنها بروفة لكوارث قادمة. والضحك عليها لن يؤخر حدوثها، بل قد يعجّل بها

قد تكون إيران نموذجًا غير محبوب سياسيًا لدى البعض، لكنها هنا تمثل حالة تحليلية مهمة لفهم طبيعة الحروب الجديدة، وضرورة إعادة التفكير في شكل الأمن القومي، وتحديث استراتيجيات الدفاع بما يتجاوز “عدد الدبابات والطائرات”.

العبرة ليست في من يملك القوة، بل في من يعرف كيف ومتى يستخدمها، أو يُعطّلها.

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏أقلام عدلاوية با علي أبو حميد يكتب: إيران والضربات الخفية وحروب الجيل الخامس foxo eladlparty.com أمين العضوية المركزي رصدل حزب العدل‏'‏‏

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة