عبد الغني الحايس| يكتب…
من كتاب التاريخ يحكى ان
التاريخ لا يمكن اجتزائة، وقبول صفحة ورفض أخرى من صفحاتة، فسيظل يوم 25 يناير 1952 يوم خالد فى عمر الأمة المصرية،يوم ان سطر رجال الشرطة البواسل أسمائهم بحروف من نور فى صفحات التاريخ ،ورفضوا غرور المغتصب الإنجليزى، بإرغامهم على تسليم اسلحتهم،وترك مواقعهم فى الاسماعيلية والعودة الى القاهرة ، ورفضوا الخضوع والإستسلام واشتبكوا مع العدو الذى يفوقهم عدة وعتاد وتسليح،واستشهد 50 من أبناء الوطن خلافا للمصابين،مماجعل القائد الإنجليزى يقدم لهم التحية العسكرية أثناء خروجهم، لشجاعتهم وبسالتهم .
كما ستظل ثورة 25 يناير 2011 يوما مجيدا فى عمر الوطن ،يوم أن انتفض الشعب ضد الإستبداد والظلم والقمع والفقر والتجاوزات ليكتب فصلا جديدا فى عمر الوطن .
فتحية لكل شهداء الوطن من أبنائه المخلصين ،الذين ضحوا بأرواحهم لرفع رايته خفاقة عالية.
وللأسف الشديد كل عام فى نفس يوم الذكرى العظيمة للمناسبتين ينقسم البعض حولهما،من يعتبره عيدا للشرطة ،ومن يعتبره عيد لثورة 25 يناير فقط،وهذا لا يليق بوطن يعتز بكل أيامه المجيده،فكل أيامنا المجيدة نحتفى بها .
وساحكى لكم حكاية بسيطة عن واقعة حدثت فى متحف اكتوبر،لقد ذهبت من القاهرة الى السويس مرات كثيرة جدا،وكل مرة أسير من أمام قيادة الجيش الثالث،حيث يقبع متحف اكتوبر ،كنت اتسائل دائما هل خلف تلك اللوحة الكبيرة فعلا متحف،ولدى رغبة كبيرة فى السؤال واننى احتاج زيارته ولكننى اكمل المسير الى السويس .
حتى كان يوم 6 اكتوبر عام 2013 وقد اعلن القائد العام للقوات المسلحة عن فتح متاحفها مجانا للجمهور ،والمصادفة اننى كنت فى طريقى فى نفس اليوم الى السويس مع أولادى، وتذكرت المتحف،وان هذا هو الوقت المانسب لخوض المغامرة ودخول المتحف .
عندما وصلت الى المتحف وقفت فى مدخل الدخول ببطىء شديد وترقب فيجب الإستئذان وتلك منطقة عسكرية يجب حمايتها واحترامها،حتى خرج جندى الخدمة باستيقافى،فقلت له :اننى مع أولادى أرغب بدخول المتحف، وان التعليمات من القوات المسلحة هى السماح بدخول متاحفها اليوم،وان أبوابها مفتوحة للمواطنيين .
فرفض الجندى وهنا طلبت منه السماح بالتواصل مع المسئول عن المتحف، فلن أبرح مكانى حتى أقوم بالزيارة ،واننى هنا أنفذ تعليمات السيد الوزير وان عليكم أيضا تنفيذها،وبعد أقل من ربع ساعة جاءت الموافقة ورحبوا بنا .
كانت خطواتنا الأولى الى داخل المتحف بترقب،ماذا ستكون محتويات ذلك المتحف القابع هنا فى عزلة كاملة،دخل معنا أحد المجندين أنا واسرتى فقط ، لشرح مافى المتحف وهنا شكرته فأنا أريد ان استكشف معلوماتى ،وتم تشغيل أنوار المتحف وبدأنا الرحلة.
كانت المفاجأة رائعة جدا،فى احد جوانب المتحف صور كبيرة لأبطال المقاومة الشعبية فى السويس، وجانب اخر مقابل لقادة الجيش الثالث الميدانى، وصور للرئيس السادات،وجانب به صور قادة حرب اكتوبر ،وحجرة صغيرة بها صورة حائطية كالموجودة فى بانورما حرب اكتوبر ولكنها أقل جودة واتقان، وفى جوانب المتحف ماكيتات لمعارك من حرب أكتوبر ومعارك المقاومة، والأجمل هو قطع حية من اسلحة تم استخدامها فى الحرب وادوات مثل القوارب المطاطية، وملابس جنودنا بمختلف أسلحتهم على موديل، ومكتبة وثائقية وكتب وصحف ورقية عن فترة الحرب ،ورسومات كروكية لبعض المعارك التى خاضها الجيش المصرى وخصوصا أفراد الجيش الثالث.
كما ان المتحف بالخارج هناك بعض القطع والأليات العسكرية الكبيرة الإسرائيلية والمصرية من دبابات وطائرات ومدافع وغيرها .
وفى الخلف هناك مقابر شهداء القوات المسلحة بشواهدها رحمهم الله ،ونصب تذكارى فوق المتحف ،وفى الجانب الأخر للمتحف فى الخروج صور للشعب المصرى يوم ان انتفض ضد جماعة الإخوان تخليدا لثورة 30 يونيو ،والتفاف الشعب مع قواته المسلحة .
كانت رحلة ممتعة جدا امتدت الى ساعات من روعته وقيمه ما يحتويه المتحف من قطع عسكرية وبورتريهات وتفاصيل كثيرة.
فى نهاية الزيارة طلبت من أحد الجنود اننى فى حاجة لمقابلة المسئؤل عن المتحف وبعد بعض الوقت جاء احد الضباط،شكرته على تلك الزيارة التى لن تكون الأخيرة ولكن لدى سؤال لحضرتك أين صور الرئيس حسنى مبارك فلا هى بين الرؤساء ولا بين قادة حرب اكتوبر ؟
سيدى الضابط يجب أن تعلم ان حسنى مبارك ظل رئيسا لمصر ثلاثون عاما،كما كان احد قادة حرب اكتوبر شئنا أم ابينا،وهذا تاريخ لا يزيف سنأخذه كما هو ونعلم اولادنا الحقيقة ،انما ان نطمس هذا التاريخ فلا يصح وليس لكم أى الحق فى رفع صور مبارك من داخل اماكن تواجدة .
وكما سيظل محمد مرسى رئيس جماعة الإخوان رئيسا لمصر لمدة عام، فلن نطوى صفحة هذا العام رغم مرارته ولكنها الحقيقة ، وهذا ما يجب أن يكتب ونعلمه لأولادنا ولكل الأجيال القادمة، ان تاريخنا لا يزيف ولا يطمس .
وبعد جولة طويلة من الجدل ان سبب ر فع الصور هى ثورة يناير ،وعندما تهدأ الأمور سيتم عودتها لأماكنها،وصافحته وهناته بعيد النصر (نصر اكتوبر ) وخرجت وفى ذهنى سؤال لماذا نطمس تاريخنا بأيدينا فسيبقى الرجل رئيس له ماله وعليه ماعلية ولن نستطع طي صفحته.
مع اننى عدت هذا العام 2022 لمحاولة الدخول التى كانت مستحيلة،لأرى هل تم عودة بورتيهات مبارك فى أماكنها ام لا ؟
عندما جلست مع أصدقائى السوايسة بعد الزيارة بفترة وحدثتهم عن المتحف،فلم يعلم احد عنه شىء،ولما حدثتهم عن روعته قررنا العودة الى الزيارة بعدها بفترة وتم ترتيبها بطريقتهم مع قادة الجيش بالسويس وسماحهم لنا بالزيارة الشبابية وكانت تلك رحلتى الثانية للمتحف،وكانوا فى حالة من الإبتهاج بالزيارة بقيمته .
وانا اطالب السيد محافظ السويس ان يصدر توجيهاته الى وكيل وزارة التربية والتعليم بعمل زيارات الزامية للتلاميذ والطلاب بالمدارس،وكذلك طلاب الجامعة.
كما اطالب السيد قائد الجيش الثالث بضرورة فتح أبواب المتحف بشكل مستمر أمام الراغبين فى زيارتة،وعمل أنشطة تجذب الزائرين وخصوصا فى المناسبات القومية.
فيجب تنمية الثقافة والوعى لدى أبنائنا،وتنمية وعيهم بتاريخهم وبطولات أبناء الوطن على مر العصور .
لقد حظيت بزيارة غالبية المتاحف داخل الوطن الغنى بحضارته وتاريخة،ولكن هذا المتحف يفوق بانورما حرب اكتوبر بكثير ولكنه متحف مجهول للاسف الشديد،وعلى المسؤولين استغلال امكانيات ما نملك فتاريخنا كبير ولا ينضب .
حفظ الله الوطن