المتاهة هي أحد الألعاب التي تنشّط العقل، وتحتوي على عدة طرق؛ منها ما هو معقّد، ومنها ما هو سهل. ولكي تصل إلى الطريق الصحيح تحتاج إلى تركيز للخروج من تلك المتاهة بأقصى سرعة.
استهوتني تلك اللعبة بكل تعقيداتها، وكنت أتخذ وقتاً طويلاً في النظر إلى الصورة الكاملة لكل دروبها لكي أتخذ طريقي من الدخول إلى الخروج في أفضل وقت ممكن.
وإن كانت المتاهة مجرد لعبة شيقة برغم الإجهاد الذهني في عملية التركيز لاتخاذ الخطوة الأولى فيها، فكل خطوة يجب أن تكون مدروسة، والتحرك يكون طبقاً للرؤية الشاملة التي تكوّنت في عقلك، بمعنى أن يكون هناك خطة دائماً للتحرك.
فنحن نعيش في تلك المتاهة، أو كما يقولون لم نخرج من عنق الزجاجة لكثرة المشاكل التي تواجهنا والتحديات التي تفرضها الظروف علينا. لكن اليقين أن لكل مشكلة حلاً وليس هناك مستحيل، المهم أن نأخذ بالأسباب وأن نستغل كل المقومات التي نمتلكها. فتجارب التاريخ عديدة لدول ومجتمعات خرجت من عنق الزجاجة وحققت نهضتها بالتخطيط السليم، ووضعت أولوياتها، ورسمت الطريق الذي تخرج به من المتاهة.
وأهم تلك الأولويات هو التعليم، ليكون لدينا عقول ناضجة مبتكرة في كل المجالات والتخصصات، وأن ننفتح على العالم المتحضر ونستفيد من تجاربهم دون فقد الهوية والقيم المجتمعية التي تحفظ لمجتمعنا خصوصيته وهويته.
نعلم أن الطريق صعب، لكنه ليس مستحيلاً، فيجب أن توضع كل الأفكار على طاولة واحدة، ويجتمع كل الخبراء والتقنيين والمتخصصين والعقول في كل التخصصات، والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرهم للحوار ووضع الروشتة والرؤية التي تتوافق مع ظروفنا لنستطيع المُضي قدماً في خطواتنا التالية.
لقد كان الحوار الوطني خطوة مهمة على الطريق الصحيح، وما زال أهم الخطوات للخروج من المتاهة لو توافرت الإرادة على اتخاذ القرار لتحويل الرؤية إلى واقع حقيقي.
نحن جميعاً لا يهمنا سوى الصالح العام لوطننا، ليس هنا معارضة أو مؤيدون، الجميع على الطاولة مصري وطني. نختلف إيديولوجياً، نختلف في الطريقة والتناول للمواضيع المختلفة، لكن تجمعنا أرضية مشتركة، وهي بناء ريادتنا وتقدمنا ومستقبل وطننا.
ومن المهم عدم المكابرة والاعتراف بالخطأ، لأننا حقاً في قلب المتاهة، حائرون، نلتف حول أنفسنا كأننا في دائرة مغلقة. تحاصرنا كثير من الصعوبات والأزمات، ونرى انعكاساتها على المواطنين من حالة الغلاء الفاحش، والديون التي تلتهم الناتج القومي، وغياب الأولويات، باختصار، مشاكل في كل المناحي سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ومهما تحركت الدولة لا يظهر أثر للتغيير.
سيقول البعض إن هناك طفرة في الطرق والكباري والمدن الجديدة والعاصمة الإدارية والقضاء على العشوائيات، ومبادرات لا تنتهي استفاد منها ملايين المصريين، وبرامج حماية مجتمعية، وبرنامج حياة كريمة، وغيرها.
نعم، أعترف أن كل هذا رائع، لكن فكرة “من أين أبدأ” هي الغائبة. ومادام المواطن يعاني، فكل هذا ليس له فائدة. فهل كان المونوريل أولوية في ظل كثافة الفصول؟ هل العاصمة الإدارية أهم من رفع كفاءة المستشفيات؟ كثير من الأشياء كان يمكننا الاستغناء عنها والبدء في عملية البناء الأساسية، فالمواطن هو محور العملية وأساسها، والدولة مهمتها السعي إلى إرضاء المواطن ليستطيع أن يبذل قصارى جهده بحب لأنه يحصد عناء تعبه، لا أن يكابد ويعاني من عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته.
ما زلنا، برغم كل الصعوبات التي ندركها ونقدّرها، قادرين على الخروج من تلك المتاهة، ونحن على قلب رجل واحد وراء قيادتنا لبناء جمهوريتنا الجديدة، ونحن أكثر قوة وقدرة على تحقيق الرخاء والرفاهية لشعبنا العظيم.
فهلا بدأنا، وليكن الحوار أول تلك الخطوات للمضي في طريق الخروج. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل