في زمن تتسارع فيه خطوات النساء نحو سوق العمل، يظل الحديث عن “بيئة عمل آمنة” ضرورة ملحة وليست رفاهية. فالتمكين الاقتصادي لا يُبنى فقط على إتاحة الفرص، بل على ضمان أن تكون هذه الفرص خالية من الانتهاك، والتحرش، والتمييز. فكم من امرأة أُجبرت على الصمت، أو الانسحاب من عملها، أو التنازل عن حقوقها المهنية، بسبب بيئة غير آمنة وغير عادلة!
البيئة الآمنة تبدأ من الاعتراف بحقوق المرأة كاملة كعاملة، سواء كانت موظفة أو عاملة يومية أو حتى صاحبة مشروع. ويشمل ذلك الحق في الأجر العادل، وساعات العمل المنضبطة، والحماية من أي شكل من أشكال العنف اللفظي أو الجسدي أو النفسي. كما تشمل الحق في المساحة الآمنة للتعبير عن الرأي، والمشاركة في صنع القرار داخل مكان العمل.
التحرش الجنسي، الذي تُشير العديد من الدراسات إلى تفشيه في أماكن العمل، هو أبرز مظاهر انعدام الأمان. ومع ذلك، لا تزال كثير من النساء يخشين الإبلاغ خوفًا من فقدان الوظيفة أو التعرض للوم المجتمعي. لذلك، لابد من وجود سياسات صارمة وواضحة داخل المؤسسات تضمن سرية الشكوى، وتحقيقًا عادلاً، وعقوبات رادعة.
أما التمييز القائم على النوع، فيظهر في صورة استبعاد من المناصب القيادية، أو تحميل المرأة أعباء إضافية دون مقابل، أو التشكيك في كفاءتها. وهنا يأتي دور أصحاب العمل في بناء ثقافة مؤسسية قائمة على العدالة والمساواة، تبدأ من التعيين ولا تنتهي عند الترقية.
ولا يمكن إغفال دور المجتمع المدني، الذي يُعد شريكًا أساسيًا في دعم النساء العاملات، من خلال التوعية، وتقديم الدعم القانوني والنفسي، والدفع نحو إصدار قوانين أكثر صرامة لحماية المرأة في أماكن العمل. كذلك، فإن النقابات المهنية مطالَبة بلعب دور حقيقي في تمثيل قضايا النساء والدفاع عنها.
ختامًا، بيئة العمل الآمنة ليست مطلبًا نسويًا فقط، بل هي ضمان لجودة الإنتاج، واستقرار المؤسسات، وبناء مجتمع عادل. لأن المرأة حين تشعر بالأمان، تُبدع، وتنتج، وتستمر. أما إذا فُقد الأمان، فكل حديث عن التمكين يظل ناقصًا ومؤقتًا.
#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
