الرئيسيةمقالات العدلراندا خالدراندا خالد تكتب: معركة المياه والهيمنة.. قراءة استراتيجية لأزمة سد النهضة

راندا خالد تكتب: معركة المياه والهيمنة.. قراءة استراتيجية لأزمة سد النهضة

مسؤولة وحدة الشؤون الأفريقية بحزب العدل

زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لموقع سد النهضة لمتابعة اللمسات الأخيرة قبل الافتتاح الرسمي، لم تكن حدثًا محليًا عابرًا، بل رسالة سياسية معقدة تحمل أبعادًا استراتيجية تمس الأمن القومي المصري ومستقبل المنطقة بأكملها.

من وجهة نظري، استخدام سد النهضة كأداة لتعزيز شرعية النظام الإثيوبي داخليًا، يعكس إدراك أديس أبابا لأهمية المياه كعنصر قوة.

فالملء الأحادي المستمر لا يخدم إثيوبيا فقط داخليًا، بل يهدف أيضًا إلى تثبيت واقع جديد يُجبر دول المصب على التفاوض من موقع ضعف.

بالرغم من القوة الرمزية للسد، أرى أن هناك عدة نقاط استراتيجية مهمة:

1. الأمن القومي المصري على المحك: النيل ليس مجرد مصدر مياه، بل شريان حياة لمصر منذ آلاف السنين، وأي تهديد له يعني تهديد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

2. توازن القوى الإقليمي: إثيوبيا تستغل تحالفاتها مع الصين وروسيا لتعزيز موقفها، بينما تحاول الولايات المتحدة موازنة النفوذ، وهذا يجعل الأزمة جزءًا من صراع أوسع على النفوذ في القرن الإفريقي.

3. الأزمة كفرصة للتجديد الداخلي المصري: من وجهة نظري، يمكن لمصر أن تحوّل هذه التحديات إلى فرصة لإعادة التفكير في إدارة الموارد المائية، تطوير البنية التحتية، وتعزيز التكامل مع دول حوض النيل.

أتفق تمامًا مع رؤية حزب العدل التي ترى أن الأزمة ليست خلافًا عابرًا، بل تحدٍ استراتيجي طويل الأمد.

ومن وجهة نظري، أولويات الحزب تشكل إطارًا منطقيًا لأي استراتيجية مصرية فعالة:

رفع الوعي الوطني: يجب أن يكون المواطن شريكًا في حماية المياه، فالأمن المائي قضية وجودية لكل مصري.

تنويع مصادر المياه والاستثمار في التكنولوجيا: تحلية المياه، الري الحديث، والبحث العلمي ضروريان لتعزيز القدرة على مواجهة أي نقص.

القوة الناعمة المصرية: الثقافة والتعليم والدبلوماسية الشعبية أدوات لتعزيز النفوذ المصري في إفريقيا.

تعزيز دور البرلمان والمجتمع المدني: ضمان مراقبة المفاوضات والمشاركة الشعبية في صياغة القرارات الاستراتيجية.

التكامل الإقليمي: بناء شراكات مع دول حوض النيل يمكن أن يحوّل الأزمة إلى فرصة للتنمية المشتركة.

تنويع أدوات الضغط: مزيج من الدبلوماسية القانونية، الإعلامية، والاقتصادية مع جاهزية الردع الاستراتيجي يحفظ الحقوق المصرية.

وفي تقديري ، سد النهضة يمثل اختبارًا حقيقيًا لسياسة مصر الداخلية والخارجية. فبينما تسعى إثيوبيا لتثبيت واقع مائي جديد، تستطيع مصر أن تحول التحدي إلى فرصة لتعزيز استراتيجيتها الإقليمية وإعادة ترسيخ دورها القيادي في إفريقيا.

الأمن المائي ليس مجرد قضية فنية، بل خط الدفاع الأول عن الدولة واستقرارها، ورؤية حزب العدل توفر لنا خريطة طريق متكاملة، لكن التنفيذ يتطلب رؤية وطنية شاملة تتجاوز المفاوضات التقليدية لتشمل التكنولوجيا، القوة الناعمة، والتحالفات الإقليمية.

في النهاية، دمج الدبلوماسية الحكيمة بالردع الاستراتيجي، كما يقترح الحزب، مع التفكير الشخصي والتحليل الواقعي، هو السبيل الأمثل لضمان حقوق مصر المائية وحماية مستقبلها الوطني.

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة