الرئيسيةمقالات العدلعبدالعني الحايسخمسون عاما على العبور العظيم

خمسون عاما على العبور العظيم

عبدالغني الحايس|يكتب:

خمسون عاما على العبور العظيم

رحل جمال عبدالناصر الى الرفيق الأعلى، وطوال السنوات من بعد النكسة وهو لايفكر سوى فى عودة الأرض، وخاض حرب الإستنزاف وهو يعيد هيكلة وبناء القوات المسلحة، وتنظيم صفوفها، وعلى جهزيتها للمعركة القادمة، لكنه رحل قبل أن يقوم بمعركته، وخلفه الرئيس السادات بوصفه النائب الأول والوحيد طبقا للدستور، وحدث صراع على السلطة، ورأى حسين الشافعى احقيته فى خلافة عبدالناصر.

لكن السادات حسم الصراع فى 1971، وتخلص من كل مراكز القوى التى كانت تعيق سيطرته الكاملة على السلطة، وبدأ فى التجهيز والإعداد لمعركه التحرير.

كان السادات يرى فى البداية ان هناك حل سياسى قبل الدخول فى حرب، وان خيوط اللعبة فى يد الأمريكان، وبدأ فى ارسال مبعوثة الى واشنطن (حافظ اسماعيل) برسائل منه الى الإدارة الأمريكية، حتى كانت رسالة هنرى كيسنجر لمبعوثة، انه ليس هناك تفاوض وان الأمر يبقى على ماهو عليه، وأدرك السادات أنه لاسبيل سوى الحرب، بعد فشل كل محاولات السلام بالعودة الى ما قبل أحداث 5 يونيو1967، تلك الحرب التى كانوا يظنها الأمريكان أنها مستحيلة الحدوث، وان حدثت لن تقوم لمصر قائمة وستهزم هزيمة قاسية فيها نهايتها.

وفى تلك الأثناء الشعب يعيش فى حالة من الغضب والسخط جراء نكسة يونيو، وطلبة الجامعات فى حالة استنفار مستمر، الجميع يضغط ويطالب بسرعة الدخول فى معركة استرداد الأرض، وكثرت النكات والهجوم علي السادات شخصيا بسبب التراخى فى دخول المعركة، وأنه يتحمل المسئولية كاملة عن هذا التاخير.

وقد عين السادات فى اطار استعدادته للمعركة، الفريق محمد أحمد صادق وزيرا للحربية، واحمد اسماعيل مديرا للمخابرات، وسعدالدين الشاذلى رئيسا لعمليات القوات المسلحة.

فأعلن أن عام 1971 هو عام الحسم، لكن خذله السوفيت ولم يستلم السلاح اللازم لدخول المعركة، وأطلقوا على هذا العام عام الضباب.

فى ذلك الوقت كانت القيادة العامة فى القوات المسلحة تواصل تجهيزاتها للمعركة، باستكمال اللوجيستيات، والتسليح، والتدريب على الخطة بكل دقة بعد زيادة أفراد القوات المسلحة من المجندين والضباط، والتغلب على النقص العددى فى الضباط بدخول المؤهلات العليا كلية الضباط الإحتياط وتدريبهم على مهارات القيادة والعمليات، بجانب الدفعات التى تخرجت من الكلية الحربية، ودخول مجندين من المتعلمين فى الكتائب القتالية، وهكذا تغلبت القيادة العسكرية على النقص العددى فى الأفراد والضباط.

كما قامت الحكومة بتأمين الإحتياطى من السلع الغذائية والتموينية والإستراتيجية والدواء استعدادا للمعركة، وتحسبا لأى طارىء لو طال أمد المعركة .

وكانت تتمحور خطة العبور العظيم التى أشرف عليها الشاذلى، ان يتم عبور قناة السويس، والتمركز بعد القناة بحوالى 15 كم، حيث سيظلون تحت حماية ومظلة الدفاع الجوى .

والجانب الإسرائيلى كان يرى أنه من المستحيل عبور المصريين قناة السويس، التى ستتحول الى كتلة من اللهب عندما تفتح أنابيب النابلم، ناهيك عن الحاجز الترابى، وخط بارليف المنيع بتحصيناته القوية، وان مصر لن تحارب قبل عشرين عاما من الأن، وقد طال هذا الإعتقاد الفريق صادق الذى أقاله السادات لرفضه الحرب بدعوى عدم جاهزية القوات المسلحة للمعركة، وجاء بالمشير أحمد اسماعيل وزيرا للحربية .

ومارست مصر على اسرائيل خطة الخداع التعبوى التى كانت جزء من خطة الخداع الإستراتيجى وجزء من خطة الحرب، والتى كلفتهم الكثير مما جعلها فى كل مرة ترفع درجة استعدادها الى الدرجة القصوى، ثم تفاجأ ان مصر لن تحارب، وتكرر ذلك الأمر كثيرا لإستمرار إرهاق العدو، ودفعه الى القيام بالتعبئة الكاملة ثم يفاجأ بعملية الخداع .

حتى كانت ساعة الصفر، وبداية المعركة الحاسمة، وانطلقت النسور المصرية، تشق السماء بعدد 200 طائرة مقاتلة، متجهة الى اهدافها المحددة، فى ضربة قوية ومفاجئة للعدو، أفقدته توازنة، وبدأ الجنود المصريون يعبرون الى الضفة الأخرى من القناة وسط صيحات وهتاف الله اكبر.

الحديث عن المعركة يحتاج مجلدات، فقد سطر المصريون بحروف من نور قصص البطولة والفداء، سواء من كان على الجبهة أو الشعب الذى ساند قواته وتحمل أعباء تلك الحرب وتكلفتها .

فاستطاع المصريين تحطيم أسطورة العدو الذى لا يقهر، والتغلب على الساتر الترابى بمضخات المياة، وعبور القناة بعد ان تم تأمينها من فرق سلاح المهندسين، وتحطيم النقاط الحصينة فى خط بارلييف المنيع، ورفع العلم المصرى على أرض سيناء.

كان العبور فى شهر رمضان الكريم، ومفتاح النصر الله أكبر يصدح به المقاتلون وقلوبهم يملئها الإيمان بأن الله معهم والنصر حليفهم.

وتم طى صفحة الهزيمة، وكسر كبرياء اسرائيل وغرورها، وتحطيم أسطورة العدو الذى لا يهزم .

على الجيل الحالى والأجيال القادمة أن تعلم جيدا أن حرب أكتوبر 1973 كانت حرب رد إعتبار، هزمنا فيها الهزيمة، ومحونا عار النكسة المرير، وان كل شبر من تراب سيناء مشبع بدماء جنودنا وشهدائنا الأبرار، الذين قدموا أرواحهم فى سبيل استرداد الأرض وعودة الكرامة، وعليهم تعميرها وجعلها تنبض بالحياة.

علينا ان نسرد لأولادنا قصص البطولة لأبطال شجعان لم يبخلوا بأرواحهم ودمائهم فى سبيل عزة وطنهم وحمايته، فكل جندى مقاتل فى المعركة هو قصة بطولة، سنظل نرويها مادامت الحياة.

علينا ان نعلمهم أن الأرض كالعرض والشرف ندافع عنها بالغالى والنفيس .

علينا ان نجعلهم يؤمنون أن نصر اكتوبر أعاد الأرض، وأننا كما انتصرنا عسكريا، انتصرنا سياسيا وعادت كل أراضينا المغتصبة .

وأننا قمنا بأعظم عملية عبور فى التاريخ، وأن قرار الحرب والدخول للمعركة برغم كل الإمكانيات المحدودة كان فى حد ذاته بطولة وشجاعة منقطعة النظير .

سنظل دائما وأبدا نحتفى ونحتفل بذكرى معركة العبور .

فتحية اجلال وتقدير لكل شهدائنا على مر العصور.

وكل عام وقواتنا المسلحة الدرع والسيف فى حفظ الله وأمانه .

وتحيا مصر …تحيا مصر

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة