الرئيسيةمقالات العدلحسام عيدحسام عيد يكتب: الخروج الآمن للاقتصاد المصري .. رؤية للإصلاح الهيكلي المستدام

حسام عيد يكتب: الخروج الآمن للاقتصاد المصري .. رؤية للإصلاح الهيكلي المستدام

يواجه الاقتصاد المصري، في نهاية عام 2025، تحديات كبيرة ناتجة عن تداعيات الأزمات الجيوسياسية العالمية المستمرة منذ سنوات. هذه الأزمات أدت إلى ارتفاع حاد في تكاليف التمويل الدولية، وتشديد السياسات النقدية الانكماشية، وزيادة معدلات التضخم العالمية، مما ألقى بظلاله السلبية على الاقتصاد المحلي. ورغم ذلك، يظهر الاقتصاد المصري بعض علامات الصمود، مع توقعات صندوق النقد الدولي بنمو يصل إلى 4.3% في عام 2025 و4.5% في عام 2026، بعد تحسن ملحوظ في النصف الأول من العام.

الدين الخارجي: الضغط الرئيسي والحاجة إلى الضبط

بلغ الدين الخارجي المصري حوالي 161.23 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من عام 2025 (حسب بيانات البنك المركزي المصري)، بعد ارتفاع تدريجي من مستويات نهاية 2024 (155.1 مليار دولار). وتشكل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تحدياً كبيراً، حيث تقترب من 44%، مع هدف حكومي لخفضها إلى حدود 40% خلال الفترة المقبلة.

في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية، يصبح التوقف التام عن الحصول على قروض خارجية جديدةأمراً ضرورياً، مع التركيز بدلاً من ذلك على الاستثمارات طويلة الأجل التي تعزز الإنتاجية. كما يجب توجيه أي تمويل خارجي متاح حصرياً نحو القطاعات الإنتاجية والاستثمارات قصيرة الأجل التي تساهم مباشرة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، مما يؤدي إلى رفع معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر، تعزيز النمو، وتخفيض نسبة الدين الخارجي نسبياً.

تعزيز التمويل الداخلي وتفعيل سوق رأس المال

مع ارتفاع تكاليف الإنتاج الناتج عن نقص الإمدادات وارتفاع أسعار التمويل، يبرز سوق المال المصريكأحد أهم وأسرع مصادر التمويل منخفض التكلفة المتاحة للحكومة. يمكن تحقيق ذلك من خلال تسريع طرح حصص من الشركات الحكومية والمساهمة في البورصة المصرية سواء للأفراد أو المؤسسات المالية المحلية والأجنبية.

هذه الطروحات، التي شهدت زخماً في عام 2025 (يُطلق عليه “عام الطروحات”)، تستهدف توسيع رأس المال السوقي، جذب سيولة بالعملة الصعبة، وزيادة مشاركة القطاع الخاص. حصيلة هذه العمليات يجب توجيهها لتوسعة أنشطة الشركات وزيادة إنتاجها، مما ينعكس إيجاباً على الناتج القومي، ويساهم في خفض نسبة الدين الخارجي إلى الناتج تدريجياً.

إعادة هيكلة أصول الدولة: من العبء إلى المورد

تعاني العديد من أصول الدولة من سوء الإدارة، مما يجعلها عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة وسبباً في إهدار قيمتها الحقيقية. يجب إعادة هيكلة هذه الأصول بشكل جذري، مع التأكيد على أن طبيعتها تتطلب أن تدر دخلاً وعائداً يفوق تكاليف إدارتها وصيانتها. فشل الأصل في تحقيق عوائد أعلى من الإنفاق عليه يمثل فشلاً إدارياً واضحاً.

في هذا الإطار، تم تشكيل وحدة متخصصة لإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، إلى جانب دمج أو تصفية بعض الهيئات الاقتصادية غير الفعالة، وتفعيل دور صندوق مصر السيادي لتعظيم العائد من هذه الأصول.

دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وترشيد الإنفاق

تظل **المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر** عماداً أساسياً للناتج القومي، ومحركاً رئيسياً للتوظيف وتخفيف حدة الأزمة. يجب استمرار توجيه الدعم الحكومي لهذه المشروعات بشكل مكثف.

في الوقت نفسه، يتعين على الحكومة اتخاذ خطوات حاسمة لـ**خفض النفقات العامة** وترشيد الإنفاق، من خلال دمج الهيئات والمؤسسات المتشابهة، وإعادة هيكلة الجهاز الإداري، وزيادة الإيرادات غير الضريبية عبر الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والصناعية.

مسار ممكن وجاري التنفيذ

الخروج الآمن للاقتصاد المصري ليس حلماً بعيد المنال، بل مساراً واقعياً يعتمد على الإصلاحات الهيكلية التي بدأت الحكومة بالفعل في تنفيذ جزء كبير منها، بدعم من برنامج صندوق النقد الدولي. التحدي يكمن في تسريع وتيرة الطروحات الحكومية بشفافية، الحفاظ على الاستقرار النقدي، وتعزيز الصادرات والسياحة لتوليد عملة أجنبية مستدامة.

إذا استمر الالتزام بهذه السياسات بزخم أكبر، يمكن توقع تحسن تدريجي في مؤشرات الدين والنمو، واستقرار اقتصادي أكثر صلابة خلال السنوات 2026-2030. الاقتصاد المصري يحتاج اليوم إلى صبر استراتيجي وإصرار على الإصلاح، ليخرج من دائرة الضغوط ويبني نموذجاً تنموياً مستداماً يعتمد على الإنتاج والقطاع الخاص.

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة