الحزب ينتقد غياب خطة شفافة لإدارة الوقود ويحذر من تداعيات اجتماعية واقتصادية
أعرب حزب العدل عن بالغ قلقه من البيانات الواردة في بيان البنك المركزي المصري بشأن أداء ميزان المدفوعات خلال الفترة من يوليو إلى مارس من العام المالي 2024/2025، والتي كشفت عن اتساع العجز في الميزان التجاري السلعي ليصل إلى 38.3 مليار دولار، مقارنة بـ28.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، بما يمثل زيادة تقارب 10 مليارات دولار خلال تسعة أشهر فقط.
وعلى الرغم من وجود تحسن إيجابي في تحويلات العاملين بالخارج والإيرادات السياحية، فإن هذا التحسن لم ينعكس على الميزان العام نتيجة الزيادة الكبيرة في المدفوعات الخاصة بالواردات البترولية، والتي ارتفعت بنحو 4.8 مليار دولار لتصل إلى 14.5 مليار دولار، مقارنة بـ9.7 مليار دولار في العام السابق، أي بزيادة تتجاوز 49%.
تُظهر الأرقام بوضوح أن هذا الارتفاع الحاد في الواردات البترولية ناتج بالأساس عن ضعف الإمدادات المحلية من الغاز الطبيعي، واستمرار الاعتماد على استيراد الوقود السائل لتغطية احتياجات محطات الكهرباء والصناعات المختلفة، وذلك في ظل غياب خطة تسعيرية مرنة أو جدول زمني واضح يضمن التحول إلى بدائل مستدامة.
ويرى حزب العدل أن هذا التراجع في إنتاج الغاز الطبيعي لم يعد مجرد مسألة فنية مؤقتة، بل تحول إلى عبء متفاقم على ميزان المدفوعات، إذ تُضطر الدولة إلى الإنفاق بالدولار على كميات متزايدة من الوقود، مما يزيد من العجز الخارجي، مع احتمالات قوية لتحميل هذا العبء لاحقًا على المواطنين من خلال رفع أسعار الكهرباء والغاز الصناعي، وهو ما ستكون له آثار مباشرة على مستوى معيشة المواطنين وتنافسية القطاع الإنتاجي.
وفي ضوء هذه المعطيات، يثمّن حزب العدل القرار السياسي الذي التزمت به الدولة للحفاظ على استقرار الأحمال الكهربائية وتفادي اللجوء إلى تخفيفها، كما يشيد بكفاءة قطاع الكهرباء في إدارة الإمدادات في ظل ما يواجهه من ضغوط تمويلية وتشغيلية.
غير أن الحزب يلفت إلى أن سوء إدارة ملف الوقود، سواء على مستوى تنويع مصادره أو توقيتات التعاقد عليه أو آليات تسعيره، قد أدى إلى ضغوط اقتصادية مزدوجة، فمن جهة تزايدت الضغوط على الموارد الدولارية للدولة، ومن جهة أخرى تفاقم الخلل في التوازن المالي لمنظومة الطاقة بأكملها.
ويؤكد حزب العدل أن غياب خطة شفافة لتحديد مزيج الطاقة وتسعيره يزيد من مخاطر اتساع العجز في الموازنة ويضعف قدرة الدولة على التخطيط المالي على المدى المتوسط، كما أنه يضيف هشاشة واضحة في تحديد أسعار الطاقة الكهربائية والصناعية في ظل بيئة اقتصادية تتسم بالتضخم وعدم الاستقرار.
وانطلاقًا من هذه الرؤية، يدعو حزب العدل الحكومة المصرية إلى اتخاذ خطوات عاجلة، أولها تبني خطة وطنية شاملة لإعادة هيكلة مزيج الوقود المستخدم في إنتاج الكهرباء، تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الجوهرية في حجم إنتاج الغاز المحلي والتزامات الدولة التمويلية.
كما يطالب بإطلاق خطة واقعية لإنتاج الغاز تستند إلى تقييمات فنية دقيقة لحالة الحقول الحالية، بدلًا من الاقتصار على التصريحات الإعلامية المتكررة بشأن اكتشافات جديدة لا تُترجم فعليًا إلى زيادات في معدلات الإنتاج، خصوصًا مع استمرار التراجع الشهري في كميات الضخ المحلية بوتيرة مقلقة تجاوزت ٤٥٪ خلال السنوات الأربع الماضية.
كذلك يشدد الحزب على ضرورة الإسراع في اعتماد خطة واضحة وملزمة للوصول إلى مستهدفات الطاقة النظيفة، والمتمثلة في أن تبلغ نسبتها 42% من مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، باعتبارها أداة استراتيجية لتقليل الضغط على مصادر الوقود الأحفوري، وتعزيز قدرة الدولة على تحقيق استقلالية في قطاع الطاقة.
حزب العدل
القاهرة، في ٢٧ يوليو ٢٠٢٥م
