الرئيسيةمقالات العدلتخفيض تصنيف مصر الإئتماني , هل يؤثر على بيع الصكوك ؟  .........

تخفيض تصنيف مصر الإئتماني , هل يؤثر على بيع الصكوك ؟  …… أسباب و حلول

تسعى الحكومه المصريه لطرح صكوكاً مقومة بالدولار للمرة الأولى ، هذا وقد خفضت وكالة “موديز” (Moody’s) للتصنيف الائتماني تصنيف مصر السيادي قبل أسبوعين بواقع درجة واحدة من “بي 2” (B2) إلى “بي 3” (B3)، مشيرة إلى تراجع احتياطاتها من النقد الأجنبي وانخفاض قدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية، ما يشير لمخاوف من زيادة محتملة في سعر العائد المطلوب وهو ما يؤدي لزيادة أعباء الدين.

وتسعى الحكومه لبيع صكوك إسلامية في محاولة لجمع ما يصل إلى 1.5 مليار دولار في غضون الأسبوع المقبل, والصكوك هي أحد الأدوات المالية المستخدمة في التمويل بالأسواق العالمية وتشبه إلى حد كبير السندات المقومة بالدولار ولكن تخضع بعض معاييرها إلى مبادئ الشريعة الإسلامية.

 عملية بيع الصكوك خطوه هامة تسعى من خلالها الحكومه إلى تدبير التمويل اللازم لإستكمال بعض المشاريع وهو الأمر الذي سيعتمد على ظروف السوق وسعر العائد على الصكوك والذي يتم تحديده وفق اعتبارات مختلفة منها استقرار السوق و مستوى العائد المقدم في الأسواق العالمية  مثل السوق الأمريكي وكذلك الجدارة الائتمانية للدولة وحجم المخاطر بها .

وترجع الأهمية القصوى لتقرير وكالة  موديز للتصنيف الإئتماني كونها إحدى ثلاث شركات كبرى في العالم و هم ستاندرد آند بورز و موديز وفيتش وهم وكالات متخصصة في التصنيف الإئتماني, يرجع ظهور تلك الوكالات إلى بداية القرن الثامن عشر وتحديداً مع بداية اندلاع أزمة الذعر الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1837 نتيجة المضاربة في الديون، وبالتالي وخلال القرن الـ19 ظهر نشاط التصنيف الائتماني في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبح هناك حاجة مُلحة لتقييم الملاءة الائتمانية للشركات والدول لتقييم قدرتها على سداد ديونها .

التقارير الصادرة عن هذة الوكالات تعد مؤشر رئيسي وهام للمستثمرين المحليين في هذة الدولة وايضاً للمستثمر الأجنبي , حيث تتحكم تلك التقارير في ثقة وإتجاهات وميول المواطن والمستثمر المحلي من حيث ما اذا كان سيستثمر ويتوسع او يدخر أمواله, ايضاً يعد التصنيف الذي تصدره هذه الوكالات بمثابة المرآة التي تعكس ثقة المستثمرالأجنبي في الاستثمار والإقبال على شراء أذون وسندات الخزانة التي تصدرها هذة الدولة ومدى الجدارة الإئتمانية للدولة وقدرتها على الإيفاء بكافة الإلتزامات, بالتالي يمكن القول بأن تقارير تلك الوكالات تعكس مدى ثقة العالم في الاداء المالي والاقتصادي للدولة.

ونرى أن ارتفاع عبء تكلفة الدين على الصكوك هو احتمال قائم بالتأكيد بعد تخفيض تصنيف مصر الائتماني من جانب وكالة موديز وأيضاً بعد ارتفاع العائد المقدم على السندات الدولارية الأمريكية إلى 4.3% حالياً بعد أن كان صفر %, وعادة ما يكون لزيادة سعر الفائدة على الدولار الأمريكي تأُثير واضح على معظم الأسواق الناشئة التي تعتزم طرح أدوات مالية حيث ترتفع تكلفة الدين بشكل واضح.

هذا و وفقًا لحسابات وزارة المالية فإنه قد بلغ معدل العائد على السندات قبل خفض تصنيف مصر الإئتماني بين 5.75% و 6.5%، إلا أنه تم تعديله بعد التخفيض ليصبح بين 6.5 و7% وهو ما يشكل المزيد من أعباء خدمة الدين .

ونتوقع أن ينعكس تخفيض الجدارة الائتمانية بشدة على سوق الأوراق المالية الحكومية في الفترة  القادمة من خلال ارتفاع أسعار الفائدة على اذون الخزانة، مع استمرار الحذر الشديد إزاء السندات، وربما الإستمرار في الإمتناع تقريبا عن تمويلها.

ونستعرض بشكل مبسط أسباب تخفيض وكالة “موديز” (Moody’s) تصنيف مصر الإئتماني :

  • ارتفاع تضخم الأسعار

حيث ارتفع معدل التضخم في مدن مصر إلى 25.8% في يناير على أساس سنوي، مقابل 21.3% في ديسمبر، ويرتفع إلى 4.7% على أساس شهري من 2.1% في ديسمبر, فيما ارتفع معدل التضخم في إجمالي الجمهورية في يناير إلى 26.8% على أساس سنوي، كما زاد بنسبة 4.9% على أساس شهري.

  • تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي

بلغ الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر 34 مليار دولار في يناير من العام الحالي وهو ما يوضح حجم الانخفاض, حيث بلغ الاحتياطي الاجنبي في يناير 2022 الماضي 41 مليار دولار وهو ما استندت عليه الوكالات في تصنيفها الحالي .

  • تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي

 حيث فقد الجنيه المصري حوالي 55 %  من قيمته منذ فبراير 2022 مع وجود مؤشرات محتمله لتحريك اسعار الوقود والطاقة, ايضاً استمرار البنك المركزي باتباع سياسة التشديد النقدي وتحريك أسعار الفائدة بهدف السيطرة على معدلات التضخم.

  • عبء سداد الديون

تقدر موديز قيمة أعباء خدمة الديون (أقساط وفوائد) المستحقة السداد في السنتين الماليتين 2024 و 2025 بحوالي 69.6 مليار دولار، عبارة عن 26 مليار دولار ديون قصيرة الأجل، و 43.6 مليار دولار ديون متوسطة وطويلة الأجل (20.4 مليار دولار عام 2024، و 23.2 مليار دولار عام 2025).

  • انخفاض السيولة المالية والحاجة للاستثمار الأجنبي

في العام الماضي بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى مصر ما يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهورقم ضئيل إلى حد ما و أغلبه من الدول الخليجية.

 وبلغ الاستثمار في قطاع النفط والغاز ما يتراوح بين 60% إلى 70% من الاستثمار الأجنبي المباشر، في حين أنه يجب أن يكون الاستثمار في الصناعة التحويلية وفي القطاعات السلعية الإنتاجية بشكل عام.

هذا وقد أعلن  السيد الرئيس منذ أيام في مدينة السادات أننا بحاجة إلى استثمارات بقدر 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة, الرئيس إذن حدد الرؤية إلى الاستثمار الأجنبي، لكن كيفية وطرق الحصول على هذا الرقم هي من اختصاص الوزراء المسؤولين عن النشاط الاقتصادي, فتحقيق 100 مليار دولار استثمارات كهدف مجرد لا يعتد به كهدف رئيسي و إنما مضمون هذا الرقم هو الهدف حتى لا يتحول إلى عبء إضافي, كذلك لا يجب أن تكون هذه الأموال لسداد الديون أو تمويل الاستهلاك. السيد الرئيس تحدث أيضا عن فجوة تجارية بقيمة 30 مليار دولار، ونحن نعرف أن سد هذه الفجوة لن يكون بغير زيادة الصادرات، وليس بالإنكفاء الذاتي، وهو ما يتطلب وضع استراتيجية للتصنيع بهدف التصدير.

التوصيات:

  1. سن قانون يضع حدا لسقف الدين الداخلي والخارجي، يأخذ في اعتباره القدرة الحقيقية على السداد.
  2. العمل على محاولة إطالة عمر الدين وتجنب الديون قصيرة الأجل.
  3. بناء احتياطي اجنبي قوي يكون بمثابة قاعدة لتحمل للصدمات المفاجئة، وإتاحة هامش يمكن استخدامه من قبل البنك المركزي للمناورة في الظروف الطارئة.
  4. تجنب فخ الاقتراض من جديد من أجل الوفاء بأقساط وفوائد الدين الحالي حيث تقوم وزارة المالية حاليا بتغطية أكثر من من 90% من الاحتياجات التمويلية بقروض قصيرة الأجل من السوق المحلي بفائدة تصل إلى 23%. ويمكن تحقيق ذلك من خلال استخدام تمويل غير مدين، أي لا تترتب عليه مديونية جديدة, كما أن علينا التذكير أن خدمة الديون المحلية والخارجية تستهلك وحدها حوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي حسب تقديرات وزارتي المالية والتخطيط الوارة في بيان الموازنة للعام المالي الجاري.
  5. إصدار مؤشر الجنيه المصري والذي يعتمد على سلة من العملات بجانب الذهب.
  6. زيادة الصادرات،  وهو ما يتطلب وضع استراتيجية للتصنيع بهدف التصدير.
  7. المحافظة على استقرار معدلات الفائدة في الحدود الآمنة لتجنب زيادة أعباء الدين وزيادة عجز الموازنة.
  8. العمل على إعادة ثقة المستثمرين ومؤسسات التصنيف الدولية في قدرة الإقتصاد المصري على التعافي و امتصاص الصدمات.
  9. تحسين جودة الانفاق من خلال جعل الإنفاق العام أكثر تركيزاً على تحسين الأداء .
  10. تخفيض أنظمة دعم الطاقة غير المُوجَّهة لفئات بعينها.
  11. تفادي “ھيمنة المالية العامة” والاعتماد المفرط على البنوك المركزية لمواجهة التضخم من خلال الاستثمار في البنية التحتية والرعاية الطبية والاجتماعية والتعليم, والتوزيع العادل للدخول والفرص عن طريق نظام عادل للضرائب والتحويلات, وتوفير الخدمات العامة الأساسية, وتخفيض العجز الذي من شأنه تهدئة الطلب الكلي والتضخم، ومن ثم لا يحتاج البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة كثيرا للوصول إلى هذه النتيجة.
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة