الرئيسيةبياناتاليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر: جهود دولية ومصرية لمواجهة جريمة العصر.

اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر: جهود دولية ومصرية لمواجهة جريمة العصر.

في الثلاثين من يوليو من كل عام، يقف العالم وقفة جادة أمام واحدة من أخطر الجرائم التي تواجه البشرية في عصرنا الحديث. تُمثل جريمة الاتجار بالبشر تحدياً عالمياً معقداً تؤثر على كل الدول تقريباً، سواء كانت دولة منشأ أو عبور أو وجهة نهائية للضحايا. هذه الجريمة المنظمة لا تُهدد أمن المجتمعات فحسب، بل تُعيق أيضاً مسيرة التنمية الاقتصادية وتُقوض أسس سيادة القانون. وتُقدر أرباحها غير المشروعة عالمياً بحوالي 150 مليار دولار سنوياً،

الالتزام المصري والتقدير الدولي

وسط هذا التحدي العالمي المعقد، تبرز مصر كنموذج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال التزامها المتزايد والراسخ بمعالجة قضية الاتجار بالبشر. عززت مصر مكانتها كشريك فاعل ورئيسي، ليس فقط في تحسين إدارة ملف الهجرة بل وفي دعم حقوق الإنسان. هذا الالتزام حظي بتقدير دولي واضح، تجسد في قرار الحكومة الأمريكية بترقية تصنيف مصر إلى الفئة الثانية في تقريرها السنوي حول الاتجار بالأشخاص لعام 2024.

تُعتبر جريمة الاتجار بالبشر من أكثر الجرائم تعقيداً وتشابكاً، وتُعد مصر من أوائل دول المنطقة التي وضعت إطاراً قانونياً شاملاً ومتطوراً لمكافحتها. يُمثل القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر حجر الزاوية في هذه الجهود ليُقدم تعريفاً دقيقاً وشاملاً لهذه الجريمة يتوافق مع الممارسات والمعايير الدولية. وفقاً للمادة الثانية من هذا القانون، يُعتبر مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأي شكل في شخص طبيعي، سواء بالبيع أو العرض للبيع، الشراء أو الوعد بهما، الاستخدام، النقل، التسليم، الإيواء، الاستقبال، أو التسلم. هذا التعريف الواسع والشامل يغطي كافة أشكال الاستغلال، سواء حدثت داخل الحدود الوطنية أو عبرها، مؤكداً على أن كل من يشارك في هذه الأعمال يُعد مرتكباً لهذه الجريمة البشعة.

التعاون الدولي والالتزامات:

ان مكافحة الاتجار بالبشر لا يمكن أن تكون جهداً منعزلاً، بل تتطلب تعاوناً دولياً وثيقاً وفعالاً. لذلك، حرصت مصر على التصديق على أهم المعاهدات الدولية في هذا المجال، وأبرزها بروتوكول الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المعروف ببروتوكول باليرمو، والذي صدقت عليه مصر في عام 2004. هذا البروتوكول يُعتبر الأساس القانوني الدولي لمكافحة الاتجار بالبشر، ويُوفر إطاراً موحداً للتعاون بين الدول.

وتعزيزاً لجهودها الدولية، أصدرت مصر في عام 2016 قانوناً جديداً لمكافحة تهريب البشر، والذي يُكمل ويُعزز القانون الحالي لمكافحة الاتجار بالبشر، ويتوافق مع بروتوكول الأمم المتحدة لمكافحة التهريب، مما يُوفر حماية أكثر شمولية ويظهر تكاملاً في الرؤية والتشريعات.

الإنجازات والتطورات المؤسسية:

منذ سن القانون رقم 64 لسنة 2010، شهدت مصر تطوراً مؤسسياً ملحوظاً في مجال مكافحة الاتجار بالبشر. في عام 2016، تم تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، والتي تُمثل آلية تنسيق حيوية بين مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات المعنية، وتلعب دوراً محورياً في وضع السياسات وتنسيق الجهود وضمان التنفيذ الفعال للاستراتيجيات المختلفة.

في عام 2024، تم إنشاء صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر، والذي يُمثل خطوة إنسانية بالغة الأهمية نحو توفير الدعم المالي والنفسي للضحايا وضمان إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع. أما الاستراتيجية الوطنية الحالية للفترة 2022-2026، فتُجسد رؤية شاملة ومتكاملة لمواجهة هذه الجريمة، وتُعكس الإرادة السياسية القوية والعزيمة الراسخة للدولة المصرية في هذا المجال.

التحديات المستقبلية والطريق إلى الأمام:

رغم الإنجازات المُقدرة والتقدم الملموس الذي حققته مصر، يبقى الطريق أمام المجتمع الدولي طويلاً في سعيه للقضاء التام على جريمة الاتجار بالبشر. بل ويتطلب المزيد من الجهود لتعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية، بدءاً من الجهات الحكومية المختلفة، مروراً بمنظمات المجتمع المدني، وصولاً إلى الشركاء الدوليين.

هذا التعاون يجب أن يركز بشكل خاص على بناء نظام حماية شامل وفعال يُوفر الدعم الكامل للضحايا، ويُزيل كل الحواجز التي قد تمنعهم من طلب المساعدة أو الإبلاغ عن الجرائم المرتكبة ضدهم، لضمان استعادة كرامتهم وحياتهم الطبيعية.

اعداد مكتب العلاقات الخارجية

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة