أنطونيو القس دانيال يكتب:
كثيرًا ما تكلمت فندمت، أما عن الصمت فلم أندم أبدًا، هذه إحدى الأقوال المأثورة للمعلم أرسانيوس معلم أبناء الملوك، وهي بها أجمل حكمة يجب أن نقتدي بها في عصرنا الحديث، الذي يوجد به كل وسائل التزييف والتوجيه ولا توجد حقيقة واحدة واضحة.
الصوت والصورة الآن أصبحا نسخًا طبق الأصل، ولكنها مزيفة، أصبحنا نشاهد من انتقل إلى رحمة ربه يمثل ويغني، والتكنولوجيا أصبحت تنسخ كل الحقائق.
وأكثر ما يعيب هذا الزمان هو عدم وجود ثوابت وقواعد عامة تحدد الحدود العامة، ولا نعرف ما هي حدود حريتنا، وما هي نقاط حرية الآخر.
لم نعد نعرف كيف نحافظ على وطننا، هذا الذي دفع فيه ملايين الشهداء أرواحهم ودماءهم لأجل الحفاظ عليه من الاحتلال، والأكثر من دفعوا دماءهم من أجل حمايته من الانقسام.
انظروا أقرب الأحداث التاريخية في ثورة يناير وثورة يونيو، تلك الثورات التي عاصرناها، حدث بها كل ما سبق.
ففي يناير تم تلفيق صور لزيادة اشتعال الموقف، ووقف أبناء الوطن الواحد، وقف المسلم يحمي الكنيسة، ووقف القبطي يحمي المصلين في الميدان، هذا استُشهد وهو يحمي الكنيسة، وهذا أيضًا في موقعة الجمل.
وفي ثورة يونيو صُنعت أفلام ظهرت بها جثث تتحرك !!!! لإشعال الفتنة ضد الجيش، ولكن لأن هذا الوطن يحميه رب الكون، فانطفأت الفتنة بغباء صانعيها، وانطلقت بعدها بأيام فتنة أكبر بحرق 71 كنيسة، وقتل وحرق أقباط داخل محلاتهم ومتاجرهم، فاستنكرها الأزهر الشريف، وقال فيها قداسة البابا تواضروس الثاني مقولته الشهيرة: (وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن).
وسبحان الخالق، الذي يقف في كل مرة بالمرصاد لتلك الفتن، فيظهر الوجه القبيح لمن يشعلها، فيقومون بعمل مذبحة واستشهاد مصلين بمسجد الروضة في العريش، واستشهاد أكثر من 300 مصلٍّ، فيظهر للجميع أن هؤلاء هم وكلاء إبليس في الأرض.
وتظهر كل المخططات التي حِيكت لهذا الوطن لتقسيمه، وانتشرت استهانة بجملة أن هذا الوطن كان مكتوبًا له أن يصبح مثل بلاد أخرى من بلاد الجوار، ونشر تلك الاستهانة وكلاء الشيطان أيضًا، ليصبح التوغل داخل النسيج الوطني المصري سهلًا، ولكن تأتي الأحداث الأخيرة وتجعل الجميع خلف القيادة السياسية، وتوحد الصف المصري، معارض ومؤيد، كلنا على قلب رجل واحد، ولأن هذا أمر يفشل مخطط أبناء إبليس، كان لابد من ضرب الوطن من داخله بفتن وتقسيم أخرى.
ولذلك كان هذا المقال بعنوانه: العاقل يصمت في الزمن الرديء.
قبل الاندفاع، اهدأ واقرأ بهدوء وتدقيق: من يكتب؟ ولصالح من؟ وكيف تنتشر الأخبار؟ وهل هذا أمر طبيعي؟ هل حدث في أحداث مماثلة؟ أم أنه أمر به شكوك، ومن أشخاص لها خلفيات شريرة وارتباط بجماعات تريد هدم هذا الوطن؟
العتاب الأكبر واللوم على أصحاب الكلمات وصناع القرار والمناصب، ممن ينساقون وراء الأحداث، لأنك في منصبك وفي مكانك توجه مجتمعًا، إما توجيهًا حكيمًا نحو البناء، أو توجيهًا فاسدًا نحو الهدم.
أختم مقالي بجزء من قصيدة عبد الرحمن الشرقاوي:
الكلمة نور … وبعض الكلمات قبور
ما دين الله سوى كلمة … ما شرف الرجل سوى كلمة
مفتاح الجنة في كلمة … ودخول النار على كلمة
الوطن يبنيه أبناؤه المخلصون وليس المتكلمون…
#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
