تنطوي الأهمية القصوى البورصة في كونها مؤشر رئيسي لحالة الاقتصاد، ووفقا وقوانين الاستثمار بالبورصة فانه كلما زاد المعروض بها كلما زاد حجم التداول و من ثم معدل نمو النشاط الاقتصادي بصفة عامة، فضلا عن ان البورصة تتميز بأثارها الإيجابية على تنوع الفرص الاستثمارية ، بالإضافة الي أن تجد الإشارة الي ان البورصة المصرية جاهزة ومؤهلة على الصعيد التشريعي ، وكذا أدواتها المالية لاستقبال مزيد من رؤوس الأموال سواء المحلية والأجنبية، هذا ويمثل الطرح العام للأسهم في البورصة توسيع مشاركة المواطنين في استثمار أموالهم في المشروعات المملوكة للدولة وهذا يساهم في بناءً ثقة الشعب في مؤسساته بمشاركة المواطنين في تمويل مشروعاته القومية والوطنية وهو في إطار وثيقة ملكية الدولة ، وأيضا بمزيد من الأهمية فان البورصة المصرية مثل بورصات العالم تخضع لمؤسسات دولية لمراقبة نشاطها من أجل التقييم.
وهنا يمكن القول تحديداً إن أحد تداعيات الأزمات والتحديات العالمية الحالية انخفاض قيم التعامل داخل سوق المال وما له من دوري حيوي في توفير التمويل، وهنا يكمن الحل خلال الفترة المقبلة عبر وضع خطة لإدراج طروحات ضخمة بالسوق المصرية ، ونظرا الدور الحيوي للبورصة في جذب الاستثمار، إلا أنها لا يمكن ان تقود عملية النمو بمفردها ، حيث ينبغي توافر عوامل أخري ، مثل وجود مناخ ملائم للاستثمار في الدولة على مستوى التشريعات المنظمة للاستثمار وسهولة إجراءات تنفيذ المشروعات ووجود سوق قادر على استيعاب النشاط الاستثماري ، وهو ما يتوافر بشكل كبير لحد ما في السوق المصري.
وفي ذات السياق يلوح في الأفق ضرورة تنفيذ إستراتيجية الشراكة مع القطاع الخاص بهدف رفع مساهمته في النمو الاقتصادي، وتعظيم العائد على الأصول المملوكة للدولة، فضلا عن إعادة تمويل استثمارات الدولة لتخفيف الأعباء على الميزانية العامة، وتنطوي تلك الطروحات علي مكاسب سواء على الموازنة العامة للدولة بتوفير تمويل يغطي تكاليف التشغيل والتوسعات الاستثمارية اللازمة، أو على مستوى البورصة المصرية بجذب رؤوس الأموال الخارجية، وتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في المناخ الاستثماري المصري، فضلاً عن إتاحة فرص استثمارية في مجالات البنية الأساسية وتوليد الطاقة والاستثمارات المتعددة.
كما أود أن اشير الي تصريحات دولة رئيس الوزراء بأن الشركات التي ستطرح لأول مرة من عبر البورصة المصرية، أو من خلال طرح جزء من الشركة في البورصة، والجزء الآخر من خلال مستثمر استراتيجي، إنما يأتي وفقًا للدراسات التي قام بها عدد من بنوك الاستثمار المتخصصة، والتي انتهت إلى تحديد طريقة الطرح ، هذا ويُعد تطبيق مبدأ الشفافية الكاملة بشأن الدراسات السوقية غاية في الأهمية لمراعاة الراي العام وزيادة وعي المواطنين والتي من شانها الحصول على أسعار مناسبة وواقعية (السعر العادل) وفقا للقيمة السوقية الحقيقة للمؤسسات المزمع طرحها بالبورصة، وعلى ان يكون الهدف الأساسي زيادة رأس المال وتطوير الأداء وتعظيم الاستفادة من أصول الدولة.
وتأسيساً على ما سبق، فإنه بات من الضروري توافر معايير منظمة ومحددة بغرض الوصول الي أعلي قيمة مضافة من تلك الطروحات من خلال وجود مناخ ملائم للاستثمار في الدولة على مستوى التشريعات المنظمة للاستثمار وسهولة إجراءات تنفيذ المشروعات ووجود سوق قادر على استيعاب النشاط الاستثماري، فضلا عن التسويق الجيد لهذه الطروحات بهدف الوصول الي جذب سيولة جديدة من خارج السوق، والعمل على استعادة ثقة المؤسسات الاستثمارية الخارجية نحو الاستثمار لمصر.
أما بشان القطاع المصرفي فتنتهج الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزي المصري إستراتيجية الاحتفاظ بالنسبة الأكبر من طرح أسهم البنوك الحكومية بالبورصة لصالح الحكومة، حتى يكون لها الحق في السيطرة على قرارات البنك وكل ما يخصه، وقدرتها على إدارة السياسة النقدية بشكل متناسق مع السياسة المالية، وفقا وما يتفق مع الأهداف الإستراتيجية للدولة المصرية ، وينطوي طرح البنوك العاملة في القطاع المصرفي المصري بالبورصة المصرية ، علي تأثيرات ونتائج إيجابية، تشمل (( إرتفاع القيمة السوقية – زيادة حجم السوق – توسيع قاعدة الملكية والمساهمين المشاركين في صنع القرار) ، فضلا عن ورفع كفاءة السوق المصري وزيادة معدلات الشفافية، بالإضافة لانضمام فئات جديدة من المستثمرين بما يؤدى إلى تقوية الجمعيات العمومية للبنوك، وتفعيل آلية الرقابة الداخلية والخارجية ، وتحقيق أعلى أسعار للأسهم، خاصة أنها أسهم تتعلق بقطاع البنوك، بالإضافة الي معالجة مستويات مخاطر الأوراق المالية لهذه البنوك.
ويأتي دور التنمية المستدامة وفقا لاستراتيجية 2030 و تطلع الدولة المصرية الي المضي قدما في هذا الصدد، حيث تم الإعلان عن طرح شركات قطاع الطاقة (كهرباء- نفط- تعدين)، والتي تمثل إضافة قطاع جديد لأول مرة بالبورصة وهو قطاع البنية التحتية، وهنا تبرز إشكالية التمويل ونقص الخبرات والكفاءات الفنية والبحث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة والتي تعُد من اهم التحديات التي تواجه قطاع الطاقة المتجددة في مصر، ومن ثم فانه للمضي قدما في تنفيذ تلك الاستراتيجية يعززه طرح شركات الطاقة بالبورصة والمشاركة بين القطاع الخاص والحكومة، الأمر الذي يعمل علي حل مشاكل تمويليه خاصه باستقدام التكنولوجيات والخبرات الحديثة في هذا المجال ، وبالتالي يؤثر ذلك إيجابياً من خلال دعم تكلفة الإنتاج المرتفعة والوصول الي اقتصاديات الحجم الكبير بما يساهم مستقبلا في إقامة مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية بتكلفة اقل (توطين الصناعة) ، ومن ثم تعظيم الميزة التنافسية للمنتجات المصرية وبالتالي زيادة الصادرات المصرية.
كما تنطوي استراتيجية الطروحات الجديدة بالبورصة تنفيذا للخطة المستهدفة بشأن التوسع والتطوير وتنمية الإيرادات والأرباح للمؤسسة محل الاستحواذ، وكيفية تدبير التمويل اللازم بشأن التوسعات وتطوير الأداء، فضلا عن مراعاة معايير الإفصاح والحوكمة، وبذات الأهمية إيضاح كيفية الحفاظ على حقوق العاملين، وبشكل عام إيضاح كافة الشروط التي تجعل الدولة والمستثمر مستفيدان من هذا الاستثمار.
كما أود ان اشير الي إمكانية إطلاق حوار مجتمعي قبل بدء عمليات الطرح، بغرض الإيضاح للمواطنين ماهي الأهداف والمميزات والعوائد المنتظرة من تطبيق تلك التوجهات الاقتصادية والاستثمارية، وأيضا بمزيد من الأهمية ضرورة إيضاح ان البورصة المصرية مثل بورصات العالم تخضع لمؤسسات دولية لمراقبة نشاطها من أجل التقييم، هذا وتتمحور رؤيتي بشأن ضرورة الحوار المجتمعي نظرا لأننا أمام حروب تتعلق بهدم وعي المواطن والتشكيك في مقدرات الدولة مما يجعلها قضية تتعلق بالأمن القومي.