حسام حسن الخشت يكتب:
في زمن تكثر فيه المظاهر المصطنعة وتغيب المساحات الحرة تظل بعض اللحظات تشبه الحياة وهي على طبيعتها ومنها ما شهدته نقابة الصحفيين حين أعادت انتخاب خالد البلشي نقيبا فلم يكن فوزه صدفة ولا نتاجا ظرفيا بل تعبيرا حيا عن وعي جمعية عمومية أدركت تماما من يمثلها ومن يعمل لمصلحتها ومن يستطيع التوازن بين الدفاع عن المهنة والانتماء لوطن كبير لا يتسع إلا بالحرية والعدالة والاستقلالية
الحياة السياسية والنقابيّة الحقيقية لا تنتجها التعيينات ولا التوجيهات ولا الكواليس المغلقة بل تولد من صناديق اقتراع حقيقية ومن مجتمع أصبح واعياً يدرك و يعرف ما يريد
تجربة خالد البلشي تؤكد أن الجماهير حين تمنح الفرصة قادرة على إنتاج قيادة نقابية وطنية تدرك أبعاد الوطن الجغرافية والسياسية والمجتمعية وتفرق بين الاستقلال وبين الصدام بين الحرية وبين الفوضى
قيادة مثل البلشي لم تفرض على الصحفيين بل جاءت من رحم معاناتهم ومطالبهم وآمالهم
نقيب لا يرى المنصب بوابة لمكاسب شخصية بل يرى فيه أمانة والتزاما تجاه كل من انتخبوه بل وحتى من لم يفعلوا هنا تبرز القيمة الحقيقية للتمثيل الديمقراطي أن تعمل للجميع لا لفئة ولا لتيار
بعكس ما حاولت بعض التحليلات الترويج له لم يكن التصويت لصالح البلشي عقابيا بقدر ما كان تقييما صادقا لمواقفه ومهنيته وتفانيه في خدمة النقابة من صوتوا له ومن بينهم عدد كبير من صحفيي المؤسسات القوميةًخصوصا المحسوبين منهم علي جيلي الشباب و الوسط لم يتحركوا تحت تأثير استقطاب أو تيار بل انحازوا إلى تجربة ثبتت صدقيتها في عامين من العمل المتوازن بعيدا عن الاستقطاب السياسي أو الشخصي
الدرس الأكبر من هذه الانتخابات ومن تجارب مهنية أخرى في نقابات كالأطباء والمهندسين أن المجتمع المصري بكل أطيافه بات في أمس الحاجة إلى مناخ سياسي ونقابي وانتخابي طبيعي لا يخضع للقيود ولا يدار بالأوامر مجتمع يفرز قياداته بطريقته ويحاسبها بطريقته ويبقي من ينجح ويغير من يخفق
على مؤسسات الدولة أن تقرأ هذا التوجه العام للمصرين لا أن تخاصمه لأن تجاهل هذا التوجه هو خصام مع المستقبل ومع الاستقرار ومع فكرة الدولة التي تتطور بقيادات حقيقية لا صنيعة دوائر مغلقة أو حسابات قصيرة الأمد
إن فوز خالد البلشي هو انتصار لفكرة أن النقابة يمكن أن تكون مستقلة دون أن تعادي الدولة وأن السياسة يمكن أن تكون مهنية دون أن تصادر وأن النقيب يمكن أن يكون نقيبا للجميع دون أن يكون محسوبا على أحد تلك هي السياسة حين تكون الحياة حقيقية غير مصطنعة.
#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
