الباطنية السياسية (١)

أحمد الغنام| يكتب:

الباطنية السياسية (١)

عندما نسمع هذا اللفظ يأتي في مخيلتنا الطوائف الشيعية مثل الطائفة الإسماعيلية كمأخذ تاريخي او طائفة الحشاشين والتي اشتهرت في الآونة الأخيرة بعد تسليط الضوء عليها في إحدى أعمال الدراما الرمضانية، فأتباع الباطنية كان لهم أثر بالغ الخطورة على التطورات السياسية، فعندما واجه المسلمون الصليبيين والتتار فإذا بهم يتعرضوا لطعنة قوية من الخلف من جانب الطوائف الباطنية، مما أضعف المسلمين وأحدث ثغرة قوية في جبهتهم، فاستطاعوا بذلك أن يوطدوا قوتهم داخل بلاد المسلمين.

وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن الباطنية كانت تمد يد العون والمساعدة لهؤلاء الأعداء وتتحالف معهم في سبيل القضاء على الخلافة الإسلامية. ولما تحرك الصليبيون صوب الجنوب كانت سياستهم التقليدية تقوم على محالفة الفاطميين الشيعة بمصر لمناهضة الخلفاء العباسيين والترك السنيين. وكان أكثر عونا للصليبيين وأشد خطرا على كل محاولة إسلامية لقتالهم فرقة الحشاشين الذين عرفوا بالقتل والتدمير وأصبحوا أداة غادرة بيد الصليبيين موجهة ضد المسلمين.

فكان ما أقدموا عليه من اغتيالات ضد القادة المسلمين موضع ترحيب وتقدير من قبل الصليبيين بعد أن وجدوا فيهم ضالتهم المنشودة فسارعوا للتحالف الوثيق معهم وكان هذا التحالف واضحا عندما زحف المسلمون على الصليبيين حتى بلغوا طبرية في فلسطين فأغضب هذا الباطنية فعملوا على قتل قائد المسلمين بينما كان يدخل المسجد الكبير لتأدية صلاة الجمعة فطعنه أحد الباطنية بخنجر فلقي مصرعه.

نلاحظ أن من الآثار السياسية للحركة الباطنية الفتن السياسية التي قامت بها، فأدخلوا العالم الإسلامي في بلبلة وقلاقل جعلته نهبا للأعداء من كل جهة. فالاضطرابات التي قام بها الباطنية كانت تمهيدا لثورات وقلاقل أكبر خطرا حاقت بالعالم الإسلامي قام بها بعد ذلك الباطنيون، وأهم تلك القلاقل ثورة القرامطة الإرهابية وما حملته من فتنة سياسية أحرقت الأخضر واليابس وأحدثت فراغا كبيرا في صفوف المسلمين وقوتهم، دخل من خلاله الأعداء من كل صوب إلى قلب العالم الإسلامي فوجدوا من أتباع الباطنية خير عون ومساعد لهم ضد المسلمين.

والمطلع على تاريخ الباطنية لا بد أن يربط القديم بالحديث في تاريخ هؤلاء فما نراه اليوم من أعمالهم لا يمكن أن نستغربه فتاريخهم السياسي القديم أسود حالك بالسواد مليء بالحقد والكراهية وتاريخهم الحديث امتداد لهذا التاريخ. ولكنني أقصد بهذا المدخل أشكال الطوائف الباطنية في العصر الحديث. في هذا العصر لم تقف الأفكار الباطنية عند المذاهب الشيعية فقط بل بالعكس اعتمد الكثير في يومنا هذا على صناعة طوائف سياسية تعمل بالفكر الباطني (أمثال جماعة الشر المحظورة).

وعلي مستوى العمل السياسي والحزبي والاجتماعي، تكونت فرق داخلية تنتهج ذلك المنهج معللين أن اللفظ المشتق من كلمة باطن وهو أي شئ خفي لا يريد من ينتهج هذا المنهج البوح به، وأن تجمعهم هذا في صالح الكيانات التي يعملون بها وهو المبرر القوي لتلك التجمعات ولكنهم يأكلون في جدار تلك الكيانات والتي تسقط على المدى البعيد أو القريب على حسب عدد تلك الفرق الباطنية المتناحرة.

يتبع……..

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة