في هذه اللحظة السياسية الدقيقة التي تمر بها مصر، والتي تتسم بتعقيد الحسابات وضيق المساحات، أود أن أبدأ بتوجيه تقدير حقيقي لكل النقد السياسي الذي وجهه عدد من رفاقنا في القوى الديمقراطية تجاه قرار #حزب_العدل المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة ضمن قائمة مطلقة وتحالف انتخابي واسع، يضم بعض الأحزاب المحسوبة على السلطة.
هذا النقد، على اختلاف درجاته، لم يكن مستغربًا، ولا مرفوضًا من حيث المبدأ. بل هو، في حقيقته دليل على يقظة سياسية، وعلى حرص متبادل من قوى متعددة المشارب على ألا تضيع التجربة الديمقراطية الهشة التي نحاول جميعًا صيانتها كلٌ منا بطريقته.
– بين القناعة الشخصية والقرار الجماعي
وأنا هنا لا أكتب مدافعًا عن القرار، بل موضّحًا موقعنا منه.
أنا شخصيًا كنت ولا أزال أرى أن نظام القائمة المطلقة أفسد الحياة السياسية في مصر. هذا النظام الانتخابي المغلق يُقصي ولا يُمثّل، ويُجبر الأحزاب على الاصطفاف في معادلات فوقية، بدلًا من التنافس الديمقراطي الحرّ في القواعد.
ولا يغيب عن أحد أن المجال السياسي برمّته يعاني من قيود خانقة، تجعل حتى التفكير في الترشّح قرارًا محفوفًا بالتعقيد، فضلًا عن تنظيم الحملات أو ضمان الحد الأدنى من الحياد الإعلامي والإداري.
مع ذلك، فإن العمل الحزبي لا يُبنى على تطابق تام بين الرأي الفردي والموقف الجماعي، بل على الحد الأدنى من التوافق داخل مؤسسة حزبية تسعى، ما استطاعت، إلى مراكمة أثرها وسط تضييق شديد.
ولذلك، فإن التزامي الحزبي لا يُلغى باختلافي مع بعض قراراته، بل يزيد من شعوري بالمسؤولية في تقديم رؤيتي داخليًا، والوقوف في الصف عندما يُتخذ القرار النهائي.
في مواجهة “التسامِي الأخلاقي السهل”
من السهل في لحظات المراجعة السياسية أن يلجأ البعض إلى ما يمكن تسميته بـ”التسامي الأخلاقي السهل”، أي الوقوف على مقاعد المتفرجين، والتبرّؤ من كل ما هو جزئي أو ناقص أو مؤلم، انتظارًا للحظة مثالية قد لا تأتي.
لكنّنا اخترنا في حزب العدل أن نبقى داخل المعركة السياسية، بكل ما فيها من تناقضات، لأننا نؤمن أن غيابنا عن ساحة التمثيل يزيد من فراغها، وأن ممارسة السياسة حتى بحدها الأدنى أفضل من المقاطعة الرمزية باسم البطولة.
وهنا، أحيّي كل الرفاق في الحزب الذين اختاروا البقاء، واحترام الالتزام الجماعي، والاشتباك السياسي، حتى وهم غير مقتنعين تمامًا بطريقة التحالف أو بنظام القائمة نفسه.
هذا هو النضج السياسي الحقيقي، الذي لا يبحث عن البطولة، بل يصبر من أجل التمكين المتدرج.
التمكين السياسي ليس لحظة… بل مسار طويل
لقد جرّبت القوى الديمقراطية في مصر المكاسب الكبيرة المؤقتة. تلك التي جاءت فجأة، وذهبت بسرعة، لأنها لم تُبْنَ على أرضية مؤسسية، ولم تحظَ بدعم شعبي منظم، ولم تستوعب توازنات القوة في الدولة والمجتمع.
ومن هنا، فإننا في حزب العدل نراهن على المكاسب القليلة والدائمة ، التي تُراكم وعيًا، وتنحت حضورًا، وتفرض خطابًا جديدًا في بنية سياسية راكدة.
التمكين السياسي لا يحدث بضربة واحدة. بل هو #خطوة_بخطوة ، يتحقق بالصبر والمثابرة، وباستغلال كل نافذة مفتوحة، حتى لو كانت ضيقة، لصالح تراكم سياسي أوسع.
صدق النوايا يتجلّى في الخط السياسي لا الشعارات
وأخيرًا، إن ما يثبت صدق النوايا، وجديّة التوجّه، ليس مجرد المواقف الرمزية، بل الأداء الفعلي والميداني.
ويكفينا في حزب العدل أن نُشير إلى الخط السياسي الذي التزمناه في دور الانعقاد البرلماني السابق، والذي تميز بالاستقلال، وبالانحياز للمصلحة العامة، وبالجرأة في المواقف داخل البرلمان وخارجه.
لم نبع أصواتنا، ولم نهادن حين يجب أن ننتقد، ولم نخذل قاعدتنا السياسية.
بل بقينا على خط ديمقراطي واضح، يؤمن بالإصلاح من الداخل، وينتقد بوضوح، ويمدّ يده لكل القوى الوطنية التي تسعى لاستعادة المجال العام.
وختاماً ٫٫٫ نحن لا نزعم امتلاك الحقيقة، ولا ننكر حق النقد والاختلاف.
لكننا نُصرّ على أن التمكين السياسي لا يُشترط له الكمال، بل يُفترض فيه الإصرار.
وهذا الإصرار لا يأتي إلا بالعمل الحزبي المنظّم، خطوة بخطوة. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل