علي ابو حميد|يكتب….
“هزمناهم ليس حين غزوناهم بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم” .. كيف تُخطط لإخضاع شعب بأسره؟!
مقدمة:
هزمناهم ليس حين غزوناهم بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم.
كلمات معبرة قالها الشّاعر اليوناني، سيموناديس، عندما هاجمت اليونان مملكة إسبرطة وغزتها وهى كلمات أصابت كبد الحقيقة، وهي جملة قوية تعكس حقيقة تاريخية مؤلمة. فالشعوب لا تُهزم فقط بالقوة العسكرية، بل تُهزم أيضًا عندما تفقد هويتها وتاريخها وحضارتها. فإن أردنا أن نطبقها على مصر وطننا العزيز، لوجدنا مئات بل آلاف المحاولات لغزونا ثقافيا وجعلنا ننسى تاريخنا وحضارتنا، تارة بواسطة المستعمر الأوروبي الذي يحاول دائما ارجاع الفضل له في كل ما يخص اكتشافات الحضارة الفرعونية، ونهبه للكثير من آثارها لمتاحفه وتوزيع آثارنا كغنائم حرب، وتارة أخرى حين بدأنا مطالبتنا بما هو لنا بدأت لغة أن المصريين القدماء لا يرتبطون البتة بالمصريين الحاليين كذريعة لعدم إرجاع ما سرقوه، وعند فشلهم من هذا الاتجاه قاموا بدعم حركات الأفروسنتريك لخلق حالة نزاع على الحضارة والآثار المصرية، بأنها عليها نزاع حالي، وغير متأكدين بأن مصر صاحبة الحق بها ويوجد مطالبين بنفس الحق، وهي ذرائع تُستخدم دائما في مواجهة مصر.
ولنسلط الضوء قليلا على بعض المحاولات لمحو تاريخ أمة وغزوها ثقافياً.
تخطيط نسيان التاريخ:
● التلاعب بالتعليم:
○ تبسيط التاريخ: تقديم التاريخ بطريقة مبسطة مسطحة تفتقر إلى العمق والتحليل، مما يجعل الأجيال الشابة تفقد الاهتمام به وينظرون له كمجرد مادة أدبية تعتمد على الحفظ أو كما سمعنا في الأيام الأخيرة بأن ما فائدة قراءة التاريخ؟!
○ التحريف والتزييف: تغيير الحقائق التاريخية وتقديم روايات مغلوطة، بهدف تشويه صورة الحضارة والهوية.
○ إهمال التاريخ الوطني: التركيز على تاريخ الغزاة والحكام الأجانب، مما يقلل من أهمية التاريخ الوطني.
● السيطرة على وسائل الإعلام:
○ بث أفكار مغلوطة: نشر محتوى يهدف إلى التشكيك في صحة الروايات التاريخية وتقديم روايات بديلة. كروايات بأن بناة الأهرام هم اليهود والروايات الأخرى بنسب كل الحضارة المصرية لكائنات أتت من كوكب آخر و كثير من الخزعبلات.
○ تغييب الحضارة المصرية: عدم تقديم برامج وثائقية أو برامج تلفزيونية، تسلط الضوء على الحضارة المصرية، لكم أن تتخيلوا بأن أكثر من 90% من الأفلام والبرامج الوثائقية عن الحضارة المصرية أوروبية أو أمريكية والكثير منها ملىء بالمغالطات!
● تشجيع الثقافة الاستهلاكية:
○ الانشغال بالترفيه: تشجيع الأفراد على الانشغال بالترفيه والمظاهر المادية، مما يبعدهم عن الاهتمام بالتاريخ والثقافة.
● تقسيم المجتمع:
○ زرع الفتن الطائفية والمذهبية: خلق انقسامات داخل المجتمع، مما يشتت الانتباه عن القضايا الوطنية.
و لا ننسى محاولات الاستعمار الأوروبي اتغيير المناهج الدراسية، حيث فرضت الدول الاستعمارية مناهج دراسية تركز على تاريخ المستعمر وتقلل من شأن الحضارات الأصلية.
● تدمير المصادر التاريخية: تم تدمير العديد من المخطوطات والآثار التي تدل على عراقة الحضارات الأصلية. نتذكر منها حريق مكتبة الإسكندرية، والعديد من محاولات تدمير الهوية المصرية و تدمير الكتابات بمعابد عدة، منها معبد دندرة بقنا، على سبيل المثال.
● الحفاظ على التاريخ هو واجب وطني: يجب على كل فرد أن يساهم في الحفاظ على تاريخ بلاده، ونقله إلى الأجيال القادمة.
● التعليم هو السلاح الأقوى: يجب أن يكون التعليم موجهًا نحو بناء وعي تاريخي ووطني لدى الشباب.
● مقاومة التزييف والتدليس: يجب على المثقفين والعلماء أن يقاوموا أي محاولة لتزييف التاريخ أو تشويهه.
إن محاولة نسيان التاريخ وحضارة الشعب هي جريمة بحق الإنسانية، فهي تهدف إلى تدمير الهوية الوطنية وتقويض قدرة الشعوب على بناء مستقبلها.
يجب على كل فرد أن يتحمل مسؤوليته في الحفاظ على تاريخه وحضارته، وأن يقاوم أي محاولة لتشويهه أو سرقته.
وللحديث بقية…
على أبو حميد
أمين عضوية حزب العدل – باحث تاريخ.