الرئيسيةمقالات العدلهاجر محمد موسى تكتب:العنف الرقمي .. لام شمسية لها تكاليف اقتصادية

هاجر محمد موسى تكتب:العنف الرقمي .. لام شمسية لها تكاليف اقتصادية

تعمدت كلمة لام شمسية في عنوان المقال، ولم أستخدم مصطلح العنف المسكوت عنه، ولم أستخدم كلمة معاناة النساء مع العنف الرقمي، لأنه مهما زادت المعاناة فلا يوجد إلا خوف وتردد النساء في الحديث عن الانتهاكات التي يتعرضن لها، وعدم الإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضن لها خوفا من الوصم المجتمعي، مثل اللام الشمسية التي لا تُنطق، كذلك النساء اختاروا الصمت وعدم النطق.

ولكن هذا الصمت بسبب الخوف يمثل كارثة مجتمعية لأنه يجعل الجهات المعنية لا تدرك حجم العنف الرقمي الواقع على النساء مما ينتج عنه العجز في إيجاد أساليب للتعامل معه، وبالتالي تكافح النساء في صمت وهن يجهلن أساليب التعامل مع تلك الانتهاكات التي تصل في أغلب الأحيان لتهديدات عنيفة تولد الجرائم وتؤدي للانتحار في أغلب الأحيان.

وقبل المضي قدما في تعريف العنف الرقمي يجب التنويه إلى أن في مجتمعنا المرأة هي المذنبة حتى عندما تكون ضحية كما قالت “أمل تميمي”.

وفقا لتعريف الأمم المتحدة فإن العنف الرقمي ضد النساء هو أي عمل من أعمال العنف يتم ارتكابه أو المساعده فيه أو تفاقمه بسبب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل الهواتف المحمولة والإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي وألعاب الكمبيوتر ونصوص الرسائل والبريد الإلكتروني “ضد المرأة نظرا لكونها مرأة.

يشمل العنف الرقمي كل أنواع المضايقات التي تتشابه مع المضايقات في الشارع ولكن بصورة رقمية مثل المطاردة والتحرش والتسلط عبر الإنترنت والتحرش الرقمي وتزوير الصور والتهديد بها والابتزاز الإلكتروني والابتزاز الجنسي ونشر صور ومقاطع فيديو خاصة لبعض الشخصيات كما حدث الفترة الأخيرة مما زاد من جرائم الشرف في المجتمعات العربية وعلى رأسها مصر.

ولأنه كان من الضروري أن تكون الخطوة الأولى من اختصاص الحكومة مع البرلمان بغرفتيه لحل مشكلة العنف الرقمي، إلا أنه بحكم الوقوع في حالة لام شمسية مجتمعية تأخرت تلك الخطوات بين عام 2019 وعام 2022 حيث أعلن في مصر عن أول قضية رأي عام عن العنف الرقمي مما رفع حالة الوعي لدى النساء بضرورة الإبلاغ عن الانتهاكات الرقمية التي يتعرضن لها.

من هنا نستعرض دور البرلمان المصري سنة 2019 حيث أجرى دراسة قامت بإثبات تسجيل 1038 جريمة إلكترونية بشأن العنف الرقمي جميعها ترتكز على ابتزاز النساء والفتيات عن طريق تلفيق جرائم جنسية وصور مفبركة لهن.

مما دفع وزارة الداخلية إلى اعتقال 300 مجرم ممن قاموا بتلك الجرائم ضد النساء والفتيات خلال 60 يوما فقط.

ومن الخطوة الأولى كانت الخطوة الثانية، حيث قام بعض المختصين بعمل دراسة سنة 2020 جمعت بيانات 356 إمرأة من جميع محافظات مصر أثبتن أن 41.6% منهن تعرضن للعنف الرقمي المتكرر والذي جاء على شكل استقبالهن رسائل غير لائقة وبذيئة ومهينة وبأن 14.9% تعرضن لاختراق حساباتهن وسرقة معلوماتهن الشخصية مما دفع 13.9% من غلق كافة حساباتهن على الإنترنت.

ومن الخطوة الثانية كانت الخطوة الثالثة وهي دراسة قام بها بعض المختصين عام 2022 أظهرت أن من بين 324 من الإناث تعرض 85% منهن للعنف الرقمي وتفاوتت ردود أفعالهن حيث قامت 32% بتجاهل التهديدات وقامت 24% بالرد بصورة مباشرة على المجرم ولجأ 25% لأسرهن فيما لجأ 10.5% منهن للأصدقاء ولم تقم إلا 4.36% فقط منهن بالإبلاغ للسلطات بالرغم الإعلان عن أول قضية رأي عام عن العنف الرقمي في مصر، مازالت النساء يفضلن التعامل مع العنف الرقمي بمبدأ اللام الشمسية كما فعلت بسنت خالد ذات الـ 17 عاما والتي نتج عن سكوتها أنها انتحرت عام 2022 كما فعلت الكثيرات ذلك.

لذلك تتركز التكاليف الإقتصادية للعنف الرقمي ضد النساء على التكاليف المباشرة وهي تشمل تكاليف الرعاية الصحية والدعم القانوني والتعويضات المالية، وتكاليف غير مباشرة وهي تشمل ضياع الفرص وانخفاض الإنتاجية والأجور المهدرة بالإضافة إلى تكاليف اجتماعية مرتفعه بسبب تفكك الأسر والضغوط الاجتماعية.

أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وفقا لتقرير مشروع مسح التكلفة الاقتصادية قياس للعنف القائم على النوع الاجتماعي والذي كان في الفترة بين ٢٠١٥ إلى ٢٠٢٠ أن هناك مليون سيدة متزوجة تضطر سنويا لترك منزل الزوجية بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 585 مليون جنية، بالإضافة إلى ما تتحمله الأسر نفسها نتيجة حوادث العنف بسبب الخطيب أو الزوج والتي وصلت إلى ٨١٣ مليون جنيه تكاليف مباشرة مثل العلاج والمشورة ورفع الدعاوى القضائية بالإضافة إلى ٦٦٢ مليون جنيه تكاليف غير مباشرة مثل الأجور والإنتاجية المهدرة.

ولأن الاعتراف بالمعاناة ليس وصما لكن السكوت عنه هو الجريمة في حق كل نساء مصر، لذلك يجب ذكر جهود الدولة في محاربة ذلك النوع من العنف ضد النساء حيث أصدرت مصر قانونا عاما لمكافحة جرائم الإنترنت وجرائم تكنولوجيا المعلومات عام 2018 حيث يتناول القانون 45 مادة لمختلف الجرائم التي تتعرض لها النساء مثل التهديد والترهيب والإبتزاز والتشهير حيث وصلت عقوبة الابتزاز الإلكتروني لغرامة 200 ألف جنيه مع السجن لستة أشهر أو سنة

فيما تم تعديل القانون لإخفاء هوية الضحايا للحفاظ عليهن.

كذلك قامت المبادرات النسوية والحكومية وأعضاء المجتمع المدني بتعديل المادة 306 (أ) و306 (ب) الخاصة بجريمة التحرش لجعلها أعم وأشمل لتكون ضد التحرش في الفضاء الإلكتروني.

وقام المجلس القومي للمرأة بعمل وحدة لاستقبال البلاغات عن الانتهاكات الرقمية ضد النساء على الخط الساخن بالتعاون مع وزارة الداخلية.

كذلك تم إطلاق العديد من الصفحات عبر السوشيال ميديا لمساعدة النساء على الإبلاغ وتهديد الجناة وأشهرهم صفحة قاوم والتي قامت بإنقاذ عدد لا حصر له من النساء والفتيات قبل أن يقمن بالتعامل مع الجناة أو الانتحار.

وبعد كل ذلك يجب على البيوت المصرية دعم بناتهن وتشجيعهن على عدم السكوت عن ذلك العنف حتى لا يصبح لام شمسية في جمهوريتنا الجديدة.

#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة