الرئيسيةالنشاط البرلمانيما حقيقة حريق وزارة الأوقاف المصرية؟ ومن المستفيد؟

ما حقيقة حريق وزارة الأوقاف المصرية؟ ومن المستفيد؟

فجعنا أول أمس بخبر حريق بمبنى ديوان وزارة الأوقاف المصرية بمنطقة وسط القاهرة، الذي يعد من أهم المباني التاريخية، فيرجع تاريخه إلى عام 1899، وبني على مراحل عدة حتى وصل إلى شكله الحالي.

وسارع رجال الحماية المدنية إلى السيطرة على الحريق، في وقت أكدت فيه وسائل الإعلام أن المبنى كان خاليا من الموظفين بعد انتقال الوزارة إلى العاصمة الإدارية، إضافة إلى أن السبت هو يوم إجازة أسبوعية.

وأمر وزير الأوقاف بإحالة الموضوع إلى النيابة العامة، لمعرفة أسباب نشوب الحريق، حيث أمر رئيس هيئة النيابة الإدارية، بفتح تحقيق عاجل في الواقعة.

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف، أن جميع حجج الوقف ومستنداته وملفاته وملفات عمل الوزارة آمنة تماما، وأنه “جار حصر أي تلفيات مادية بمعرفة اللجان المختصة المعنية”، وفق ما ذكرت صحيفة “المصري اليوم”.

وفي وقت لاحق، قال مصدر قضائي إن التحريات الأولية كشفت أن الحريق اندلع في غرفة مخصصة لحفظ الأوراق والوثائق المهمة والسرية، التي تقع تحت إشراف مباشر لوزير الأوقاف ومدير مكتبه، مضيفا أنه لم يكن تم الانتهاء من نقلها بالكامل إلى مقر الوزارة الجديد في العاصمة الإدارية الجديدة.

بمعني أن ما جاء في تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف ما هي إلا تصريحات مضللة لا أساس لها، وإنما جاء بها فقط لحفظ ماء وجه وزارته. وهذا ما أثار شكوكنا وجعلنا نتساءل: لماذا حدث هذا الحريق الآن وفي مثل هذا التوقيت من السنة المالية؟ لماذا اشتعلت النيران وتفاقمت حتى وصلت إلي السطح؟ وما مدى أهمية وخطورة تلك الحجج الوقفية المتواجدة داخل وزارة الأوقاف؟

** مبني وزارة الأوقاف

يتكون المبني من أربعة طوابق، وفي الأسفل بدروم قديم ومظلم كالمقبرة يضم بعض الحجج القديمة والمهمة المتعلقة بأوقاف الموقفين للوقف في مصر، وهو مكان مهمل للغاية، أما الطابق العلوي (السطح) الذي اندلع فيه الحريق فتوجد مكاتب الإدارة المسؤولة عن حفظ وتوثيق وتسجيل تلك الحُجج والأسانيد، ما يعني أن النار اشتعلت بذات المكان الذى يحوي آلاف الوثائق والحجج والسجلات المتعلقة بالأوقاف التي توجد داخل ديوان الوزارة، وحرق أي شيء قد يُضيع ملكية أبناء الشعب المصري لهذه الأوقاف، وحرق أي شيء يُثبت أن الأراضي التابعة لوزارة الأوقاف هي أرض وقف سواء داخل مصر أو خارجها.

** أهمية الحجج الوقفية

إن الحجج والأسانيد الوقفية والأموال التي تحتفظ بها وزارة الأوقاف داخل مبني وزارة الأوقاف لا تخص الوزارة فقط، ولا الحكومة المصرية، ولا أي فرد بعينه، وإنما هي ملك للموقوف له، ألا وهم الورثة والشعب المصري.

وبالتالي يُعد خبر كهذا خبرا كارثيا، حيث قد يؤدي إلي ضياع ثروات كاملة وحقوق للمواطنين، حيث يمكن لأي من كان بيع هذه الأوقاف في أي وقت وبكل سهولة، فلم يعد ممكنا إثبات من هم أصحاب الأوقاف، ومن هي الفئات أو الجهات المستفيدة من هذه الأوقاف، بناءً على وصايا الواقفين، فضلاً عن احتمالية ضياع أهم وأخطر الملفات في هذا الشأن، كملف الأوقاف واستثمارات الأوقاف.

** سبب نشوب الحريق

أعلنت وزارة الداخلية أن تحقيق الأدلة الجنائية للموقع أثبت أن الحريق سببه ماس كهربائي.

** ما ترتب عن هذا الحريق؟

لا توجد خسائر بشرية. وإنما تمثلت الخسائر بالإضرار بذلك المبني الأثري العريق، إضافة إلى حرق ملفات تتعلق بأراضى الوقف وملكيتها، ما قد يسبب حال تأكده من جهات التحقيق وفقا للتصريحات السابقه بأكبر عملية نهب أراضي وعقارات في تاريخ الدولة المصرية.

** من المستفيد؟

من المؤكد أن لا شيء يحدث مصادفةً، وقريبا سنعرف إجابة هذا السؤال – قطعيا – من خلال ما سيتم من اعتداءات واضحة من قِبل الأفراد أو المؤسسات على الأراضي التي كان من المُقرر أنها أوقاف.

وختاما، إن مثل هذا الحريق لا ينبغي أن يمر علينا مرور الكرام، فنحن نتحدث هنا عن مبنى أثري عريق ذي تاريخ وأهمية كبيرة، فضلاً عن كونه مبنى لوزارة تُعد واحدة من النماذج الكبيرة في العالم الإسلامي أجمع و من أهم الوزارات المصرية، التي تهدف إلي المحافظة والإشراف علي جميع الأموال والأعيان الموقوفة وإدارتها واستثمارها، والتي هي ملك للموقوف له وهو الشعب المصري.

لذا، ومن واقع مسؤوليتى لا يمكننى التجاوز وعدم توجيه مساءلة عن هذا العبث والاستهتار بأملاك وتراث الدولة المصرية وحقوق الشعب، وعليه، فقد تقدمت أمس بسؤال برلمانى للسيد رئيس الوزراء ووزير الأوقاف عن الواقعة، أتساءل فيه عن كيف يعقل أن مبني وزارة بحجم وعراقة وأهمية وزارة الأوقاف لا يوجد به جهاز إنذار للحريق؟ وأين هي إجراءات وزارة الأوقاف الخاصة بتوفير الحماية المدنية لهذا المبني؟ وكيف تتزايد الأحمال الكهربية على الوصلات ونحن أساسا بصدد مرحلة تخفيف الأحمال؟

ماذا فعل وزير الأوقاف لمواجهة هذا الإهمال المُتعمد بهذا المبني مُنذ تولية للوزارة عام 2013م، أي قرابة العشر سنوات؟ من المسؤول عن الأضرار التي لحقت بهذا المبنى الأثري؟ ومن المسؤول عن ضياع حقوق أوقاف الشعب؟ لماذا لم يقم الوزير – الذي يفتخر بأنه زاد من أموال الأوقاف – بتجديد المبنى خلال فتره توليه المسؤولية، بخاصة أنه أقدم الوزراء حاليًا؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع تلك الكارثة؟ وهل هناك حفظ رقمي لكل الملفات الموجودة بهذا الدور أم لا؟ أم نتحدث عن مأساة حقيقية؟

قلتها سابقًا لهذا الوزير، زاد شاكوك وقل شاكروك فاتقِ الله وارحل… والآن أؤكد أن الرحيل لم يعد كافيًا دون محاسبة جنائية وسياسية عن هذا الوضع المتردي.

#عبدالمنعم_امام

٧اغسطس٢٠٢٣

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة