منذ أن بدأت الحضارة تُدوَّن على جدران المعابد، كانت المرأة حاضرة في المشهد، شاهدة وصانعة في آنٍ واحد. لم تكن السياسة يومًا بعيدة عنها، بل كانت تمارسها بالفطرة حين تُدير بيتًا، أو تُصلح نزاعًا، أو تُربي جيلًا يعي معنى الانتماء والمسؤولية. فجوهر السياسة كما علّمتنا المرأة ليس في الحكم وحده، بل في القدرة على الفهم، والاحتواء، واتخاذ القرار بحكمة.
تاريخ المرأة مع السياسة ليس وليد العصر الحديث، بل له جذورٌ في عمق الزمن. فمن عظمة حتشبسوت التي حكمت مصر، إلى وعي نساء اليوم اللاتي يتقدمن بثبات نحو مواقع القيادة، يتأكد أن الإرادة النسائية لم تكن يومًا صدى ، بل صوتًا أصيلًا يعيد تشكيل ملامح الوطن.
يقول المثل القديم وراء كل رجل عظيم امرأة ، لكنّ الزمن كشف وجهه الآخر، فأصبح من الإنصاف أن نقول وراء كل أمة عظيمة نساء عظيمات ،فالمرأة لم تعد ظلًّا يرافق المجد، بل أصبحت أحد صُنّاعه منذ فجر التاريخ، فحين جلست الملكة حتشبسوت على عرش مصر بثقة الملوك وعظمة الأمهات، أثبتت أن القيادة ليست صفة تُكتسب من جنس، بل من جوهرٍ يفيض بالحكمة والإصرار.
في مصر، لمع نجم نساءٍ صنعن الوعي قبل أن يطالبن بالسلطة. هدى شعراوي كانت منارة التنوير حين ربطت بين حرية الوطن وحرية المرأة، وصفية زغلول كانت صوت الثورة الهادئ والعقل الذي جمع بين العاطفة الوطنية والذكاء الاجتماعي، بينما تركت درية شفيق بصمتها في البرلمان النسائي الأول، حين اقتحمت جلساته دفاعًا عن حق المرأة في المشاركة السياسية. هؤلاء السيدات لم يرفعن شعاراتٍ رنانة، بل رسمن بخطواتهن ملامح الطريق لمن جاء بعدهن ،وامتدادًا لتلك المسيرة، واصلت نساء مصر الحضور الفعّال في المشهد السياسي الحديث.فعلي سبيل المثال ﻻ الحصر كانت السفيره فايزة أبو النجا من أبرز الأصوات التي مثّلت مصر في المحافل الدولية بحنكةٍ ودبلوماسية رفيعة، وقدّمت السفيره مشيرة خطاب نموذجًا مشرقًا للمرأة المصرية التي تتحدث بثقة العالم وتدافع عن قيم العدالة وحقوق الإنسان. أن صعود النساء في البرلمان والمناصب التنفيذية اليوم يعكس نضج الوعي المجتمعي، وإيمان الدولة المصرية بأن مشاركة المرأة ليست شعارًا يُرفع، بل شراكة حقيقية في صنع القرار ،فالمرأة المصرية الحديثة لم تنفصل عن جذورها الكلاسيكية، بل حملت إرث الماضي لتبني حاضرًا أكثر شجاعة وعدلًا.
ولو تحدثنا عن نماذج من العالم العربي، لا يمكن إغفال الأميرة عائشة بنت الحسين في الأردن التي حملت قضايا النساء في المحافل الدولية، ولا الشيخة فاطمة بنت مبارك التي أسست لمرحلة جديدة من تمكين المرأة في الإمارات. تلك الأسماء ليست مجرد رموز بروتوكولية، بل صفحات مضيئة في كتاب التجربة النسائية العربية
أما على الصعيد العالمي، فالتاريخ يمتلي بأسماءٍ خلدها الموقف لا المنصب. إنديرا غاندي في الهند قادت أمة بحزمٍ يليق بملوك التاريخ، ومارغريت تاتشر في بريطانيا أثبتت أن “المرأة الحديدية” لا تُكسر أمام العواصف، بل تزداد صلابة، وإليانور روزفلت في أمريكا كانت ضميرًا إنسانيًا يكتب السياسة بلغة الرحمة والعقل.
إنّ حضور المرأة في السياسة ليس مجرد إنجاز شخصي، بل هو انتصار للوعي الإنساني الذي أدرك أن العدالة لا تكتمل إلا بتكامل الصوتين ،لقد تحوّلت المرأة من شاهدة على صناعة القرار إلى صانعة له، واصبحت تخوض معترك السياسة بحكمة ورؤية.
وكلما صعدت امرأة إلى موقع القيادة، صعد معها وطنٌ بأكمله خطوة نحو النضج والرقي.
فالقضية لم تعد“هل تستطيع المرأة؟ بل كم خسر العالم حين غابت المرأة عن موقع القرار؟
من عرش حتشبسوت إلى مقعد البرلمان الحديث، تؤكد المرأة المصرية أن القيادة ليست مكانة تُمنح بل تُنتزع بالجدارة والإرادة…… #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
