كل من زار مدينة أسيوط يعرف “قصر ألكسان”، القصر المهيب المطل على نيل مصر الخالد، ويخر الجميع من أمامه على كورنيش النيل ويشهد عظمة القصر وتاريخه.
بناء قصر ألكسان باشا، استغرق نحو 8 سنوات منذ عام 1902 حتى 1910، وألكسان باشا، هو من أبناء مركز أبنوب، ولد في 1865م والتحق بكلية أسيوط الأمريكية وتخرج فيها عام 1882م، ثم درس بعد ذلك بمدرسة الحقوق وحصل على البشاوية من الملك فاروق وقت افتتاحه لمعهد فؤاد الأول وإعجابه بالقصر وطرازه المعماري.
مبنى القصر تحفة معمارية من حيث الطراز، حيث يمثل طراز المباني التي انتشرت في القرن الـ 19 وبداية القرن الـ 20 وجميع زخارف القصر الموجودة بالواجهات الخارجية تحمل طابع فني متميز، وكذلك الزخارف الداخلية والموجودة بالأأسقف، حيث أنشىء على الطراز الأوروبي، حيث انتشار زخارف الركوكو والباروك على واجهات القصر.
بدأت قصة هذا القصر مع اللواء نبيل العزبي، محافظ أسيوط المميز، حيث تقدم بطلب برغبة المحافظة تحويل قصر ألكسان باشا لمتحف إقليمي للمحافظة لعظمة القصر، ومحاولات نهبه وهدمه.
صدر قرار مجلس وزراء ٢٢٠٥ لسنة ٢٠٠٩ باعتبار القصر كأعمال منفعة عامة، ونزع ملكيته ودفع مبلغ يقدر ب 18100018 إلى هيئة المساحة المصرية قيمة تعويضات الملاك و توالت القرارات بعدها.
قرار ٣٤٣٧ بتاريخ ٤-١١-٢٠١٠ بفتح القصر وجرد محتوياته، وتم إخلاء القصر والمبنى الملحق مبنى رولان بتاريخ ٢٤–٢٠١٢، وفي ١٣ إبريل ٢٠١٣ قام وزير الآثار بزيارة القصر، وأعطى إشارة البدء في تنفيذ مشرع تحويله إلى متحف إقليمي لمحافظة أسيوط، ولنضع تحتها ١٠٠ خط .. متحف إقليمي تعني متحف مختص بتاريخ أسيوط من عصور ما قبل الأسرات وحتى الآثار الإسلامية.
ومتذ ذاك الوقت، بدأ مسلسل إهدار المال العام، فكل فترة تتشكل لجنة ويعلن البدء وبعدها يتوقف العمل، ومع أن البداية المنطقية هى خطوة الترميم، حيث يجب البدء بعمل ترميمات معمارية ويليها ترميمات دقيقة، إلا أن هذا ما لم يحدث. فقد قرر السادة مسئولي آثار أسيوط بعمل ترميمات دقيقة أولا، وفي هذه الفترة تم فتح القصر وبدأ العمل بوضع إضاءة جديدة فقط، وتم إهدار ملايين الجنيهات، جزء منها تحملته محافظة أسيوط والجزء الآخر تحملته وزارة الآثار. ولا نعرف أين ذهبت تلك الأموال وأين تم صرفها. مجرد بعض الترميمات الدقيقة التي تمت بدون ترميمات معمارية، مما يعني عدم جدواها، وحتى شركة التنفيذ عجزت عن الاستكمال!
فوجئنا بعد ذلك، بخلع السلم الخاص بالقصر، بحجة معالجته، وتم إلقاء السلم التاريخي في المخازن! ولم يعد حتى الآن لمكانه، ومن وقتها بدأنا نرى القصر يؤجر لعمل جلسات التصوير (فوتو سيشن لوكيشن)! وفي أوقات أخرى يتم تأجير المرسي النيلي للقصر كفندق عائم!
وبعدها وجدنا القصر معروض في خريطة الاستثمار، كقاعة أفراح ومؤتمرات! ولكن أين المتحف القومي؟ لا حياة لمن تنادي!
الجميع في ثبات عميق!
نحن نتكلم عن متحف فكرته وإجراءاته بدأت منذ عام ١٩٩٦ ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن، في محافظة تعاني من الإهمال، وممتلئة بآثار منذ عصر ما قبل الأسرات وعصر مصر القديمة و آثار قبطية وإسلامية، وكل ذلك مُلقى بالمخازن، يعاني من الإهمال.
إلى متى يظل الإهمال بأسيوط؟!
بعض الاهتمام أيزة المسئولون .. فلتذهبوا وتشاهدوا (منطقة الوكالات) لتعرفوا حجم الإهمال. لتشاهدوا بأنفسكم أين أقدم محكمة بالتاريخ بمنطقة الهمامية البداري؟ وأين آثار دير تاسا؟ وجبل درنكة و دير ريفا وقصير العمارنة وشطب ومخازنها والمناطق الأثرية لعزبة الجيش الخ الخ .. كل هذه المناطق الأثرية تعاني من الإهمال والتجاهل التام.
نريد إجابة عن مصير ملفات قصر ألكسان وقصر ميخائيل لوقا، الذي يتردد أن موظفة فرمت جزء منها!
هل نرى تغييرات قريبة بآثار أسيوط، ونقل كل الكسالى وإعطاء الفرصة لأصحاب الرؤى؟! هل يتخيل أحد أن محافظة أسيوط دونا عن محافظات الصعيد، لا يوجد بها متحف وهو نقطة إشعاع حضاري لأي مدينة؟!
ألا يعلم أحد أن آثار محافظة أسيوط متفرق دماؤها ما بين المخازن والمتاحف المصرية والعالمية؟!
هل سيظل المتحف القومي وأسيوط بكاملها مفقودة وفي طي النسيان؟
أسئلة مشروعة تبحث عن إجابات لدى مسئولي وزارة الآثار المصرية.
وأخيرا .. هل يمر دون حساب أن تم صرف أكثر من 50 مليون عن طريق محافظة أسيوط لصالح تطوير قصر ألكسان باشا ومثلهم من الوزارة، دون أن يرى النور؟!
