حماس تهدد بوقف تحرير الرهائن، مما يخلق تحديا كبيرا لوقف إطلاق النار الضعيف بينها وإسرائيل. لكن هذا التهديد لا يعني حتما انهيار الاتفاق الحالي. هذا التطور يحدث في وقت حرج لإسرائيل، خاصة بعد إطلاق سراح ثلاثة رهائن ضعفاء، مما زاد الشعور بالحاجة الملحة لمعرفة مصير المحتجزين الباقين في غزة.
الحكومة الإسرائيلية تتردد في استئناف المحادثات مع حماس لتمديد وقف إطلاق النار الحالي، بينما يدعو السياسيون اليمينيون لاستئناف الحرب في غزة. في الوقت نفسه، اقترح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب طرد الفلسطينيين بشكل دائم من غزة و”امتلاك” الولايات المتحدة للقطاع، مما يزيد من عدم اليقين حول المفاوضات. كما توجد خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها حول كيفية التعامل مع حماس، حيث يدعو بعض المسؤولين لمواصلة المفاوضات، بينما يطالب آخرون باستخدام القوة العسكرية لاستعادة السيطرة.
وعلى الرغم من تهديد حماس، لا يزال هناك يومان يفصلانا عن الموعد المقرر للإفراج عن مجموعة جديدة من الرهائن مما يترك المجال لإتمام الصفقة كما هو مخطط لها. وأوضحت ”حماس“ في بيان لاحق أن هذه الفترة تمنح الوسطاء ”وقتاً كافياً للضغط“ على إسرائيل لإبقاء الباب مفتوحاً أمام إتمام عملية التبادل كما هو مقرر.
وكانت مفاوضات سابقة شهدت تهديدات مماثلة مثل تأجيل إسرائيل عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة، لكنها انتهت بحلول عبر الوسطاء. وهذا يزيد من فرص استمرار الصفقة رغم التصعيد الحالي. إلا أن التعقيدات السياسية والأمنية قد تجعل تنفيذ الاتفاق أصعب مما يبدو عليه مع تزايد الضغوطات على الحكومة الإسرائيلية من المعارضة والمتظاهرين الذين يريدون حلولًا سريعة.
وكتب الصحفي الإسرائيلي عميحاي شتاين في صحيفة ”جيروزاليم بوست“ أن إسرائيل فقدت قبضتها على محادثات تبادل الأسرى. والفترة بين الاثنين والسبت المقبل طويلة في سياق الشرق الأوسط، وقد تشهد تغييرات كثيرة تؤثر على المفاوضات. وقال أيضا إن انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممر نتساريم الذي كان يقسم قطاع غزة سمح للفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في الشمال. وقد حد ذلك من قدرة إسرائيل على استخدام هذه النقطة كوسيلة ضغط في المفاوضات.
كما أن فقدان النفوذ الإسرائيلي لا يقتصر فقط على المستوى السياسي، بل يمتد أيضًا إلى التأثير على الرأي العام الداخلي، حيث تتزايد الانتقادات للحكومة الإسرائيلية بشأن تعاملها مع ملف الأسرى والمفاوضات مع “حماس”. ويشير المحللون إلى أن استمرار عدم قدرة الحكومة على تحقيق نتائج ملموسة قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية داخلية.
ويشكل هذا التهديد اختبارًا مهمًا لإدارة دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف وايتكوف، خاصة بعد إعلان ترامب المثير للجدل الذي اقترح فيه خطة لإعادة توطين أهالي غزة في الدول العربية المجاورة مثل مصر و الاردن و موخرا اقامة دولة فلسطينية في السعودية والقيام بعملية إعادة إعمار كاملة للقطاع. وقد واجه الاقتراح منذ ذلك الحين إدانة واسعة النطاق من حماس والدول العربية وحتى بعض الأوساط داخل الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة.
كما يتزايد القلق داخل الأوساط السياسية الأمريكية من تأثير هذه السياسات على مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، حيث يخشى بعض المسؤولين من أن يؤدي التوجه الأمريكي الجديد إلى تعقيد الأمور بدلاً من حلها، خاصة في ظل تزايد المعارضة الداخلية لمثل هذه المخططات.
مع استمرار التحديات التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية في ظل التحديات الأمريكية، فإن الحكومة الإسرائيلية تتصدر المشهد في ظل اعتقادها أن الصفقة مع حماس قد تمت وأن على الحركة الالتزام بها. في حين أن الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة تفرض على نتنياهو اتخاذ قرارات صعبة لإنجاح هذه الصفقة دون أن تجلب المزيد من الأزمات الأمنية والسياسية لإسرائيل.
دون أن ننسى التحدي الداخلي الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية والمتمثل في التصدع الحاصل في الائتلاف الحكومي المنقسم أصلاً. فبعض الأعضاء يدعون إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد حماس، بينما يرى آخرون أن الخيار الأفضل لا يزال من خلال المفاوضات السلمية. لذا، وبينما تحاول التحدث بأربعة أفواه في آن واحد، لا بد من التساؤل عن مدى قدرتها على تحقيق نتائج فعالة دون المساس بأمنها واستقرارها.
في ظل هذه التطورات، يبقى تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مرهونًا بقدرة الوسطاء على احتواء التوتر وضمان التزام الطرفين ببنود الاتفاق. وفي حين أن إسرائيل لم تعد تملك النفوذ ذاته الذي كانت تتمتع به في السابق، فإن استمرار المفاوضات قد يؤدي إلى تسوية تضمن الإفراج عن المزيد من الأسرى والرهائن، ما لم تتصاعد الأوضاع نحو مواجهة جديدة قد تعيد المنطقة إلى نقطة الصفر.
وبالنظر إلى التعقيدات المتزايدة في المشهد السياسي، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الأطراف المعنية ستتمكن من تجاوز التحديات الراهنة والتوصل إلى حلول مستدامة. ومع استمرار التحركات الدبلوماسية، تبقى الأنظار موجهة إلى التطورات القادمة، التي ستحدد ما إذا كانت هذه الأزمة ستؤدي إلى تصعيد جديد أم إلى حلول قد تفتح المجال لاستقرار نسبي في المنطقة.
حزبالعدل #صوتالطبقةالمتوسطة #العدلهو_الأمل
