في مشهد يفضح حقيقة النظام السياسي الإسرائيلي، تتحول المطالب الأخيرة بشأن سيناء إلى فضيحة دولية تكشف زيف الادعاءات الأمنية وتكشف النقاب عن شبكات فساد تمتد من تل أبيب إلى الدوحة. هذه ليست مجرد أزمة حدودية عابرة، بل هي حلقة جديدة في مسلسل التوسع الإسرائيلي الذي يجمع بين القوة العسكرية والرشاوى السياسية.
استراتيجية الضم: من القدس إلى سيناء
تمتلك إسرائيل تاريخاً طويلاً في ابتلاع الأراضي العربية قطعة قطعة. بدأ الأمر بالاستيطان التدريجي، حيث تحولت البؤر الاستعمارية إلى مدن كاملة ذات بنى تحتية متكاملة. ثم جاءت مرحلة التشريع، حيث تم تمرير قوانين محلية تزعم أحقية اليهود في الأراضي المحتلة. وأخيراً مرحلة الضم الفعلي، كما حدث مع القدس والجولان، وما تحاول تنفيذه اليوم في أجزاء من الضفة الغربية.
الآن تحاول إسرائيل تصدير هذه الاستراتيجية إلى سيناء، لكن بأساليب أكثر خبثاً. بدأت بالمطالبة بتعديلات أمنية، ثم المطالبة بتقليص الوجود العسكري المصري، وصولاً إلى محاولة فرض هيمنة غير مباشرة. هذه الخطة لا تختلف في جوهرها عن تلك التي نفذتها في الأراضي الفلسطينية، لكنها أكثر خطورة لأنها تستهدف أراضٍ مصرية ذات سيادة كاملة.
فضيحة الرشاوى القطرية: الفساد كأداة سياسية
تكشف التحقيقات الجارية عن شبكة فساد ضخمة تربط مسؤولين إسرائيليين كباراً بجهات قطرية. الأموال التي تدفقت تحت الطاولة استخدمت لشراء ولاءات سياسية وتمويل حملات انتخابية، بل وتم استخدامها لتوجيه السياسات الأمنية لخدمة أجندات خارجية.
المثير للاشمئزاز أن جزءاً من هذه الأموال المشبوهة استخدم لتمويل ضغوط سياسية ضد مصر في ملف سيناء. كيف يمكن الوثوق بمطالب أمنية تقدمها حكومة يشتري مسؤولوها قراراتهم بالمال القذر؟ أليس هذا دليلاً على أن ما يسمى “المخاوف الأمنية” ليست سوى ذريعة لتغطية أجندات توسعية؟
التوقيت المشبوه: لماذا الآن؟
تأتي المطالب الإسرائيلية في لحظة بالغة الحساسية:
أزمات داخلية تهدد استقرار الحكومة الإسرائيلية
فضائح فساد تطال أعلى الهرم السياسي
تحولات إقليمية كبرى تعيد رسم التحالفات
هل يعقل أن يكون التصعيد ضد مصر مجرد محاولة لتحويل الأنظار عن الفشل الداخلي؟ أم أنها خطة مبيتة لاستغلال الظرف الإقليمي لفرض أمر واقع جديد؟
المعايير المزدوجة: عار المجتمع الدولي
الأكثر إثارة للغضب هو الصمت الدولي المطبق. دول تُفرض عليها عقوبات بسبب شبهات فساد، بينما إسرائيل تتلقى الدعم رغم فضائحها الموثقة. انتهاكات تُحارب في مكان وتُغض الطرف عنها في مكان آخر. أليس هذا دليلاً على انهيار النظام الدولي وتحوله إلى أداة في يد القوى الكبرى؟
الموقف المصري: الصمود في وجه العاصفة
في مواجهة هذه التحديات، يقف الجيش والشعب المصري كالطود الأشم:
رفض أي مساس بالسيادة الكاملة على سيناء
تأكيد الحق في تعزيز الوجود العسكري في الأراضي المصرية
رفض تحويل سيناء إلى ورقة مساومة في الصراعات السياسية
الطريق إلى الأمام: كسر حلقة الفساد والتوسع
التاريخ يعلمنا أن سياسة الأمر الواقع لا تدوم. إسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما الاعتراف بحقوق الجيران واحترام السيادات
أو مواصلة سياسة التوسع التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من العزلة وعدم الاستقرار
أما مصر، فستظل كما كانت عبر التاريخ: حارسة حدودها، مدافعة عن سيادتها، رافضة أن تكون ساحة لتصفية حسابات الآخرين. سيناء ليست سلعة في سوق المساومات، والجيش المصري ليس موضوعاً للنقاش.
الرسالة واضحة: لن تمر المحاولات الإسرائيلية هذه المرة. فالشعوب التي تدافع عن أرضها لا تقهر، والتاريخ سيسجل أن مصر وقفت شامخة في وجه أعتى محاولات النيل من سيادتها.
بقلم: رانا وجيه
وحدة السياسات الخارجية والأمن القومي
#حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
