الرئيسيةمقالات العدلإبراهيم العجميإبراهيم العجمي يكتب: نزيف الأطباء والجرح الغائر في القطاع الصحي

إبراهيم العجمي يكتب: نزيف الأطباء والجرح الغائر في القطاع الصحي

بالرغم من كل ما يشهده قطاع الصحة من تطوير على مستوى البنية التحتية من إعادة بناء وتطوير المستشفيات وشراء بعض الأجهزة الحديثة وتحسين المنظومة الإدارية، يظل العامل البشري، وعلى رأسه الأطباء، هو العنصر الأهم في نجاح أي منظومة صحية.

تشير الأرقام الرسمية إلى تدهور واضح في توافر الأطباء. فقد انخفض عدد الأطباء لكل 10 آلاف مواطن من 7.6 طبيب عام 2015 إلى 6.7 فقط عام 2020، وهو أقل من الحد الأدنى الموصى به عالميًّا والبالغ 10 أطباء لكل 10 آلاف نسمة. ومن بين أكثر من 212 ألف طبيب مرخص في مصر، لا يعمل داخل البلاد سوى 82 ألف طبيب فقط. بعض التخصصات الحرجة مثل الطوارئ والرعاية المركزة تعاني من عجز شديد، خاصة في المناطق الريفية والنائية. في محافظة أسوان، التي أعيش فيها، لا يوجد طبيب واحد متخصص في أمراض الدم أو أمراض المناعة، وهي أزمة تنذر بعواقب صحية وخيمة. وفي عام 2025، أعلنت جامعة الإسكندرية عن 117 وظيفة شاغرة للأطباء المقيمين في مستشفياتها، بعد موجة استقالات كبيرة بين الخريجين.

هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات جافة، بل تعكس أزمة بنيوية عميقة تدفع الأطباء للهجرة وترك البلاد بحثًا عن بيئة عمل أفضل وأجور أكثر عدالة. الأسباب كثيرة؛ من بينها تدنّي الرواتب مقارنة بتكاليف المعيشة، وغياب المسارات المهنية الواضحة للترقي والتخصص، ونقص حاد في المعدات والإمكانيات الطبية الأساسية، فضلًا عن تعرض الأطباء لحالات متكررة من العنف والإرهاق المهني دون وجود بروتوكولات للحماية.

إنقاذ ما تبقى من الكادر الطبي يستدعي حوارًا مجتمعيًا واسعًا وإرادة سياسية جادة لتطبيق إصلاحات عاجلة، على رأسها رفع الأجور لتتناسب مع الحد الأدنى الفعلي لتكاليف المعيشة، وتوفير بيئة عمل آمنة من خلال تطوير المستشفيات والمعدات، وتخصيص ميزانية عادلة للصحة بما يتوافق مع ما نص عليه الدستور من حد أدنى من الناتج القومي، إلى جانب ضمان منح دراسية ومسارات ترقٍّ واضحة لخريجي كليات الطب. كما يجب تفعيل بروتوكولات حماية الأطباء من العنف والتجاوزات أثناء أداء عملهم، والاستفادة من الأطباء المغتربين بإنشاء هيئة وطنية للتواصل معهم ونقل خبراتهم إلى الداخل.

دراسة أُجريت في عام 2021 كشفت أن 97.4% من الأطباء الراغبين في الهجرة سيعيدون النظر في قراراتهم إذا تحسّنت الظروف داخل القطاع الصحي. هذا الرقم يؤكد أن الهجرة ليست رغبة، بل هي نتيجة طبيعية للواقع المؤلم.

نزيف الأطباء ليس مجرد رقم في الإحصاءات، بل هو جرح غائر في جسد هذا الوطن. إن لم نتداركه اليوم، فقد لا نجد من يعالجنا غدًا. #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏أقلام عدلاي دلاية إبراهيم العجمي :يكتب نزيف الأطباء والجرح الغائر في القطاع الصحي foxo eladlparty.com حزب العدل‏'‏‏

مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة