عذرًا سيدي الملاك، فأنا لست مثلك. لا أملك أجنحة أعلو وأسمو بها عن ضعفي البشري.
سادتي ملائكة المجتمع، لماذا لا تنظرون إلى عيوبكم الشخصية وتذكروا نعمة الله على الجميع بالستر وإخفاء أخطائكم عن عيون الآخرين؟
لماذا دائمًا ما تحكمون وتتحكمون في ضمائر الآخرين؟
مجتمع أصبح مزدوج الشخصية والأحكام، يحكم لصالحه بطريقة، وللآخر بطريقة أخرى، بل يمكن أن يتخذ قرارًا عكسيًا في نفس الموقف بنفس الظروف.
يمدح أمهات تدافع عن أبنائها من المتهمين في قضايا إرهابية، وتظل تلك الأمهات تتهم القضاء والدولة بأشنع الاتهامات، وهم متهمون ومُثبَت ضدهم جرائم أودت بحياة الآلاف ودمرت بلادًا، وتصبح تلك الأمهات أيقونة لملايين.
ولكن عندما تدافع أم عن ابنها المريض نفسيًا، وتقبل بكل هدوء أحكام القضاء وتمتثل للقانون، وتتنحى عن أي منصب حتى تتفرغ لابنها، وتتجه إلى العمل العام لخدمة المرضى النفسيين لأصحاب نفس المرض، وتشعر أن هذا هو هدفها في الحياة والذي خُلقت لأجله، تُتَّهَم ويُشهَّر بها وبأسرتها ويُستهزأ بها لمجرد أنها تساند ابنها وتسير معه في طريق توبة وإعادة تأهيل للاندماج مرة أخرى في المجتمع…
سيدي الملاك، هذه هي غريزة الأم الطبيعية، المخلوقة من تراب مثلي أنا الإنسان الضعيف، ولكن لسنا مثلك، مخلوقين من نور.
الفارق الذي يجعلنا نشيد بها هو اعترافها بخطأ الابن، ولم تدافع عنه وتبرِّئه، ولكنها أخذت الأمر دفاعًا عن كل المرضى بنفس المرض، وتفرغت لعلاجهم دون تمييز.
نفس الأمر، سيدي الملاك، تدافع عن حق مواطن متوسط توارث شقة إيجار قديم عن والده، وتقول إنه حقه، رغم أنه وريث وليس المالك الأصلي، وهذا حق، ولكن تُجرِّم وتهاجم سيدة في التسعين من عمرها، لكونها مستأجرة أصيلة للشقة، لكونها سيدة ثرية، وتتناسى أن لها في هذا المنزل ذكريات وجيران وتاريخ، وأنها دفعت أضعافًا مضاعفة ثمن تلك الشقة للمالك، ولم تُسكِن معها أبناء لتوريثها، ولكنها شقتها، فتطالب بطردها فقط لكونها تملك المال، وتتغافل أنت عن الذكريات التي تمثل لمثل تلك السيدة ما هو أَقيم وأهم من المال.
سيدي الملاك، فقط نطلب منك باتضاع شديد أن تتنازل وتتعطف علينا وتصير إنسانًا، حتى تُحاسب في آخر الزمان كإنسان تحت رحمة الله، ولا تتعالى في طبقة الملائكة فتسقط مع طائفة إبليس وتخرج من رحمة ربي…
احكموا، يا سادتي، على الأمور بنفس الميزان وبنفس النظرة، وضع نفسك في مكان كل من تحكم عليه، وقتها أثق أنك لن تتجرأ على هذا التصرف، وسوف تبحث عن طريق العودة للإنسانية.
وأخيرًا، اعذروني لكوني إنسانًا ضعيفًا أخاطب ملائكة عظيمة… #حزب_العدل#صوت_الطبقة_المتوسطة#العدل_هو_الأمل
